خـصـائص الـمـعـرفـة الـعـلـمـيـة :
أ - مـن الـمـعــقـد إلـى الـبـسـيـط :
الـظـواهـر
الـطـبـيـعـيـة مـتـشـابـكـة، بـيـنـهـا عـلاقـات خـفـيـة لا تـدركـهـا
الـحـواس هـذه الـعـلاقـات تـسـتـشـف مـن خـلال الـقـوانـيـن
الـعـلـمـيّـة الـقـانـون الـعـلـمـي كـمـا قـال سـتـوارت مـل " هـو
تـفـسـيـر الـمـرئـي الـمـعـقّـد بـالـمـرئـي الـبـسـيـط ". نـعـم تـبـدو
لـنـا الـحـوادث مـعـقـّدة، نـتـحـيّـر مـن تـعـقـداتـهـا مـثـل الأمـراض
والـزلازل والـتـعـفـن والـبـرق والـرعـد، لـكـنـه بـمـجـرد أن نـعـرف
الـقـانـون فـإنـنـا نـفـهـم الـعـلـة وكـيـفـيـة تـأثـريـهـا فـي
الـمـعـلـول، فـتـصــبـح الـظــاهـرة واضــحـة فـي أذهــانـنـا، لاحـظ
الـسـقـوط الـحـرّ لـلأجـسـام، إنـه مـركـب مـن الأجـسـام وثـقـلـهـا
والـسـرعـة والـزمـن، والـجـاذبـيـة، فـإذا أصـبـح قـانـونـا أصـبـح
بـسـيـطـا :
م = ج ز² .
ب - إنـهـا مـعـرفـة وضـعـيـة :
الـمـعـرفـة
الـعـلـمـيّـة لا تـفـسـر الـحـوادث الـطـبـيـعـيـة بـنـسـبـهـا إلـى
عـلـل غـيـبـيـّة كـمـا كـان سـائـدا فـي الـقـديـم. لـقـد نـسـب
الإنـسـان الـبـدائـي عـدة ظـواهـر إلـى آلـهـة مـثـل إنـسـاب الـبـرق
إلـى إلـه، والـمـطـر إلـى إلـه آخـر، إن الـمـعـرفـة الـعـلـمـيّـة
تـفـسـر الـظـواهـر الـطـبـيـعـيـة بـالـظـواهـرالـطـبـيـعـيـة.
جـ - إنـهـا مـعـرفـة مـوضـوعـيـة :
الـتّـفـكـيـر
الـذي فـسـّر بـه الإنـسـان الـبـدائـي سـلـوكـه، هـو الـذي اعـتـمـد
عـلـيـه فـي تـفـسـيـر الـطـبـيـعـة مـن حـولـه، فـنـسـب إلـى
الـطـبـيـعـة الـجـامـدة أرواحـا كـروحـه هـو، وعـزا أفـعـالـهـا
وظـواهـرهـا إلـى إرادة خـفـيـة يـتـصـوّرهـا عـلـى نـحـو مـا يـتـصـوّر
إرادتـه هـو، إرادة تـعـمـل بـحـريـة ذاتـيـة دون تـقـيـد بـقـانـون أو
نـظـام. ودون خـضـوع لـمـنـطـق الـعـلـل أو الأسـبـاب.
الـمـعـرفـة
الـعـلـمـيّـة مـسـتـقـلـة عـن مـيـولـنـا الـشـخـصـيـة ومـنـافـعـنـا
وأهـوائـنـا. الـتـّفـكـيـر الـعـلـمـي يـقـف ضـد مـا هـو فـيـنَـا، ضـد
اعـتـقـاداتـنـا كـمـا قـال بـَشـلار " الـعـلـم يـقـرّب الـنـاس
بـعـضـهـم مـن بـعـض، والأهـواء والـمـصـالـح تـفـرقـهـم، لأن الـعـلـم
يـسـتـخـدم الأدلـة الـعـقـلـيـة والـبـراهـيـن الـمـنـطـقـيـة
الـمـسـتـقـلـة عـن الـعـوامـل الـشـخـصـيـة والـذاتـيـة.
د - الـمـعـرفـة الـعـلـمـيـّة كـمـيـة :
الـمـعـرفـة
الـعـلـمـيّـة تـسـتـخـدم الـتـعـبـيـر الـرّيـاضـي، وقـد تـعـرّضـنـا
إلـى مـا لـلـرّيـاضـيـات مـن قـدرة عـلـى الـضـبـط والـدّقـة فـي الـدرس
الـسـابـق. فـلا عـلـم إلا بـالـقـيـاس كـمـا قـال أرسـطـو " الأصـوات
والألـوان لـم تـتـحـوّل إلـى وقـائـع عـلـمـيـّة إلاّ بـعـدمـا فـسـّرت
تـفـسـيـراً كـمـّيـا ".
هـ - الـمـعـرفـة الـعـلـمـيـّة تـنـبـوئـيـة :
إذا
كـانـت الـمـعـرفـة الـسـاذجـة لا تـتـجـاوز حـدود الـحـاضـر، فـإن
الـمـعـرفـة الـعـلـمـيّـة تـطـلـع عـلـى الـحـوادث قـبـل وقـوعـهـا. قـال
كـونـت : "بـالـعـلـم يـكـون الـتـنـبـّؤ و بـالـتـنـبـؤ يـكـون الـعـمـل".
الـتـنـبـؤ
يـخـوّل لـلإنـسـان إعـداد الـعـدة لـلـمـسـتـقـبـل، كـمـا أصـبـح
الـعـلـم قـادرا عـلـى الـتـفـسـيـر و الـتـعـلـيـل اطـّلـَعـَنـا عـلـى
كـيـفـيـة حـدوث الأشـيـاء قـال أرسـطـو : "يـبـدأ الإنـسـان أولا
بـالـتـحـيـّز مـن حـدوث الـظـواهـر، ولـكـنـه فـي الـنـهـايـة يـتـحـيـّز
مـن عـدم حـدوثـهـا ".
و - الـمـعـرفـة الـعـلـمـيـّة تـعـمـيـمـيـة :
يـسـتـخـرج
الـعـالـم الـعـلاقـات الـعـامـة الـثـابـتـة مـن الـحـوادث الـجـزئـيـة
الـمـتـغـيـّرة، وتـسـمـى هـذه الـعـلاقـات الـثـابـتـة الـعـامـة
قـوانـيـن طـبـيـعـيـة، مـثـل الـتـوصـل إلـى قـانـون " كـل الـمـعـادن
تـتـمـدّد بـالـحـرارة " مـن خـلال الـتـجـريـب عـلـى قـطـعـة حـديـد
والـعـلـم لا يـكـتـفـي بـجـمـع الـقـوانـيـن فـحـسـب، إنـه يـوحـد
بـيـنـهـا ويـضـعـهـا فـي مـبـتـدىء عـامـة ونـظـريـات شـامـلـة.