علي الزقم عضو جديدالجنس : عدد المساهمات : 108
العمر : 33
وطني : موضوع: شَرْحُ مَتن شُرُوط الصَّلاَة وَأَرْكَانِها وَوَاجبَاتهَا الخميس يناير 21, 2010 7:41 pm :D الحمد لله الحق الأحد، الواحد الصمد، واهب الصبر والجلد، أحمده حمداً كثير على جزيل نعمته ووافر رحمته، أمَّا بعد: فلمَّا كانت الصلاة عمود الدين، وأعظم العبادات العملية، وثاني أركان دين الأمة الإسلامية، كان من أعظم فروض العين بعد معرفة التوحيد، إقامتها كما أمرنا الله بها، قال تعالى:{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ}[البقرة:43]، وكما صلاَّها رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم- القائل: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي))(1). فلا يخفى عليك -عزيزي القارئ- أنَّ كثيراً من الناس اليوم لا يعرفون كيفية الصلاة كما صلاَّها النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم-، وهم كثر، كأمثال المُسِيء صلاته المذكور في الحديث المشهور. ولكن المشكلة في كثير من الإخوة الذين يظهر عليهم الصلاح والخير والاستقامة وهم يعرفون ويهتمون بآداء صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلَّم- ولكنَّهم لا يعرفون شروطها، ولا واجباتها، ولا حتى أركانها، بل لا يعرفون حتى شروط الطهارة التي هي مفتاح الصلاة. ولمَّا كان بعضهم قد بدأ يخوض ويَدْرُس بعضاً من تفريعات العلم الشرعي كعلم المصطلح مثلاً، ويخوض في مسائل ومسائل وهو لا يعرف هذه الأشياء التي هي من أفرض ما يكون عليه. ورأيت البعض الآخر من طلبة العلم ممن علم هذه الأشياء، ولكنَّه غير مشغولٍ بالدعوة إليها، فتذكرت كلام أبي حامدٍ الغزالي -رحمه الله- حيث قال: "وكل عامِي عرف شروط الصلاة؛ فعليه أن يُعرِّف غيره، و إلاَّ فهو شريك في الإثم، ومعلوم أنَّ الإنسان لا يولد عالماً بالشرع، وإنَّما يجب التبليغ على أهل العلم، فكل من تعلَّم مسألةً واحدةً فهو من أهل العلم بها ... إلى أن قال: فحقّ على كل مسلم أن يبدأ بنفسه فيصلحها بالمواظبة على الفرائض وترك المحرمات، ثم يُعلِّم ذلك أهل بيته، ثم يتعدى بعد الفراغ منهم إلى جيرانه، ثم إلى أهل محلته، ثم إلى أهل بلده، ثم إلى أهل البوادي المكتنف ببلده، ثم إلى أهل البوادي من الأكراد والعرب وغيرهم، وهكذا إلى أقصى العالم، فإن قام به الأدنى سقط عن الأبعد، و إلاَّ حرج به على كل قادر عليه قريباً كان أو بعيداً، ولا يسقط الحرج مادام يبقى على وجه الأرض جاهل بفرض من فروض دينه وهو قادر على أن يسعى إليه بنفسه أو بغيره فيعلمه فرضه، وهذا شغل شاغل لمن يهمه أمر دينه يشغله عن تجزئة الأوقات في التفريعات النادرة والتعمق في دقائق العلوم التى هى من فروض الكفايات، ولا يتقدّم على هذا إلا فرض عين أو فرض كفاية هو أهم منه"(2) اهـ ومن هذا المنطلق: ينبغي أن يسعى كل مُعلمٍ للخير في التركيز على الأهم فالأهم، وأهم الأهم هو تعليم المسلم فرض العين من دينه. فهذا الكتاب لك أخي المسلم أياًّ كنت: طبيباً أو مهندساً أو مزارعاً ..إلى آخره، وليس من الكتب المعقدة أو صعبة العبارة، بل هو لتعليمك أهم ما يجب عليك نحو صلاتك. ومن أحسن المتون المختصرة الميسرة التي تعنى بشرح شروط الصلاة، كتاب "شروط الصلاة وأركانها وواجباتها" للإمام العلاَّمة مُحمد بن عبد الوهَّاب التميمي -رحمه الله تعالى. ولكن هذه المتون المختصرة تحتاج إلى شرح، فبحثت عن شرحٍ له، فلم يقع بيدي غير شرحٍ للشيخ العلاَّمة/ مُحمد بن علي بن أمان الجامي -رحمه الله-، ولكنَّه في أشرطةٍ وليس في كتاب، وكما نعلم أن الكتاب أفضل من الشريط لعدَّة اعتبارات، فرأيت منه نسخة مفرغَّة قد فرَّغها أخونا/ أيمن الدبعي -جزاه الله خيراً-، ولكنَّها مجرد تفريغ فقط يعوزه التدقيق والمراجعة والضبط للنصِّ والشرح. عملي في هذا الكتاب: 1- إضافة المتن إلى الشرح وتشكيله بالحركات. 2- ضم الشرح إلي المتن وذلك بواسطة جعله كحاشيةٍ للمتن. 3- عزو الآيات وتشكيلها. 4- تصحيح الأخطاء الإملائية والطباعية الناتجة عن التفريغ وتصحيح الكلام بما يقتضيه السياق. هذا وأسأل الله أن ينفعني والمسلمين بهذا الكتاب، وأن يتعرفوا على صلاة نبيهم فيهتدوا بهديه فيها، راجياً من المولى -سبحانه وتعالى- ما وعدنا به على لسان نبيه -صلى الله عليه وسلم-: ((من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا...))(3)، إنه على كل شيءٍ قدير آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين(4). بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ شُرُوطُ الصَّلاَةِ تِسْعَةٌ (5): الإسْلاَمُ، وَالعَقْلُ، وَالتَمْييزُ، وَرَفْعُ الحَدَثِ، وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ، وَسَتْرُ العَوْرَةِ، وَدُخُولُ الوَقْتِ، وَاسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ، وَالنِّيَةُ(6). الشَرْطُ الأَوَّلُ: الإِسْلاَمُ وَضِدُّهُ الكُفْر، وَالكَافِرُ عَمَلُهُ مَرْدُودٌ وَلَوْ عَمِلَ أَيَّ عَمَلٍ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} [التوبة: 17]. قَالَ تَعَالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان: 32](7). الشَّرْطُ الثَّانِي: العَقْلُ وَضِدُّهُ الجُنُون، وَالمَجْنُونُ مَرْفُوعٌ عَنْهُ القَلَمُ حَتَّى يَفِيقَ(، وَالدَّلِيلُ حَدِيثُ: (رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: النَائِمُ حَتَى يَسْتَيْقِظَ، وَالمَجْنُونُ حَتَى يَفِيقَ، وَالصَغِيرُ حَتَّى يَبْلُغْ))(9). الثَّالِثُ: التَّمْييزُ وَضِدُّهُ الصِّغَرُ، وَحَدُّهُ سَبْعُ سِنِينَ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِالصَّلاَةِ لِقَوْلِهِ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِع))(10). الشَّرْطُ الرَّابِعُ: رَفْعُ الحَدَثِ، وَهُوَ الوُضُوءُ المَعْرُوف، وَمُوجِبُهُ الحَدَثُ. وَشُرُوطُهُ عَشَرَةٌ(11): الإِسْلامُ، وَالعَقْلُ، وَالتَّمْييزُ، وَالنِيَّةُ(12)، وَاسْتِصْحَابُ حُكْمِهَا بِأَن لاَ يَنْوِيَ قَطْعَهَا حَتَّى تَتِمَ الطَّهَارَةُ(13)، وَانْقِطَاعُ مُوجِبٍ(14)، وَاسْتِنْجَاءٌ(15) أَو اسْتِجْمَارٌ قَبْلَهُ(16)، وَطُهُورِيَّةُ مَاءٍ(17) وَإِبَاحَتُهُ(18)، وَإِزَالَةُ مَا يَمْنَعُ وُصُولَ المَاءِ إِلى البَشَرَةِ(19)، وَدُخُولُ وَقْتٍ عَلى مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ لِفَرْضِهِ(20). وَأَمَّا فُرُوضُهُ فَسِتَّةٌ: غَسْلُ الوَجْهِ، وَمِنْهُ المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاق(21)، وَحَدُّهُ طُولاً مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إِلى الذِّقْنِ، وَعَرْضاً إِلى فُرُوعِ الأُذُنَيْنِ(22)، وَغَسْلُ اليَدَيْنِ إِلى المِرْفَقَيْنِ(23)، وَمَسْحُ جَمِيعِ الرَّأْسِ(24) وَمِنْهُ الأُذُنَيْن(25)، وَغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ إِلى الكَعْبَيْنِ(26)، وَالتَّرْتِيبُ وَالمُوَالاَةُ(27)، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ(28) فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ(29) وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ(30) وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ(31)} [المائدة: من الأية 6]. وَدَلِيلُ التَّرْتِيبِ حَدِيثُ: ((ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ))(32). وَدَلِيلُ المُوَالاَةِ حَدِيثُ صَاحِبِ اللُمْعَةِ عَنِ النَّبِيّ -صَلَى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهُ لما رَأَى رَجُلاً في قَدَمِهِ لمُعَةً قَدْرَ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهَا المَاءُ فَأَمَرَهُ بِالإِعَادَةِ(33). وَوَاجِبُهُ التَّسْمِيَةُ مَعَ الذِّكْرِ(34). وَنَوَاقِضُهُ ثَمَانِيةٌ: الخَارِجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ(35)، وَالخَارِجُ الفَاحِشُ النَّجِسُ مِنَ الجَسَدِ(36)، وَزَوَالُ العَقْلِ(37)، وَمَسُّ المَرْأَةِ بِشَهْوَةٍ(38)، وَمَسُّ الفَرْجِ بِاليَدِ قُبُلاً كَانَ أَوْ دُبُراً(39)، وَأَكْلُ لَحْمِ الجَزُورِ(40)، وَتَغْسِيلِ المَيِّتِ(41)، وَالرِّدَّةُ عَنِ الإِسْلاَمِ أَعَاذَنَا الله مِنْ ذَلِكَ(42). الشَّرْطُ الخَامِسُ: إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ مِنْ ثَلاَثٍ(43): مِنَ البَدَنِ، وَالثَّوْبِ، وَالبُقْعَةِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر:4](44). الشَّرْطُ السَادِسُ: سَتْرُ العَوْرَةِ. أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى فَسَادِ صَلاَةِ مَنْ صَلَّى عُرْيَاناً وَهْوَ يَقْدِرُ، وَحَدُّ عَوْرَةِ الرَّجُلِ مِنَ السُّرَّةِ إِلى الرُكْبَةِ، وَالأَمَةُ كَذَلِكَ، وَالحُرَّةُ كُلُّهَا عَوْرَةٌ إِلاَّ وَجْهُهَا، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأَعْرَافُ:31]. أَيْ: عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ(45). الشَّرْطُ السَّابِعُ: دُخُولُ الوَقْتِ. وَالدَّلِيلُ مِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ جِبْرِيلَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- أَنَّهُ أَمَّ النَبِي -صَلَى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أوَّلِ الوَقْتِ وَفِي آخِرِهِ، فَقَالَ: ((يَا مُحَمَّدُ الصَّلاَةُ بَيْنَ هَذَيْنِ الوَقْتَيْنِ)) (46). وَقَوْلُهُ تَعَالى:{إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتًا}[النساء:103](47). أَيْ: مَفْرُوضًا فِي الأَوْقَاتِ، وَدَلِيلُ الأَوْقَاتِ قَوْلُهُ تَعَالى:{أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ(48) إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}(49)[الإسراء:87]. الشَّرْطُ الثَّامِنُ: اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء(50) فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا(51) فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ(52)}[البقرة: من الآية144]. الشَّرْطُ التَّاسِعُ: النِّيَّةُ. وَمَحَلُّهَا القَلْبُ، وَالتَّلَفُّظُ بِهَا بِدْعَةٌ(53)، وَالدَّلِيلُ حَدِيثُ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ إِمْرِئٍ مَا نَوَى))(54). وَأَرْكَانُ الصَّلاَةِ أَرْبَعَةُ عَشَر: القِيَامُ مَعَ القُدْرَةِ(55)، وَتَكْبِيرُ الإِحْرَامِ(56)، وَقِرَاءَةُ الفَاتِحَةِ(57)، وَالرُّكُوعُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ(58)، وَالسُّجُودُ عَلى الأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ(59)، وَالاعْتِدَالُ مِنْهُ، وَالجَلْسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتّيْنِ، وَالطُمَأْنِينَةُ فِي جَمِيعِ الأَرْكَانِ(60)، وَالتَّرْتِيبُ، وَالتَّشَهُدُ الأَخِيرُ، وَالجُلُوسُ لَهُ، وَالصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَالتَّسْلِيمَتَانِ(61). الرُّكْنُ الأَوَّلُ القِيَامُ مَعَ القُدْرَةِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ}(62)[البقرة:238]. الثَّانِي: تَكْبِيرَةُ الإِحْرَاِم، وَالدَّلِيلُ حَدِيثُ: ((تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ(63))). وَبَعْدَهَا الاسْتِفْتَاح -وَهُوَ سُنَّةٌ- قَوْلُ: ((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ(64) وَبِحَمْدِكَ(65)، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ(66)، وَتَعَالَى جَدُكَ(67)، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ(68))). {أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}، مَعْنَى أَعُوذُ: أَلُوذُ وَأَلْتَجِئُ وَأَعْتَصِمُ بِكَ يَا الله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ المَطْرُودِ المُبْعَدِ عَنْ رَحْمَةِ الله، لاَ يَضُرُّنِي فِي دِينِي وَلاَ فِي دُنْيَايَ(69). وَقِرَاءَةُ الفَاتِحَةِ رُكْنٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، كَمَا فِي حَدِيثِ: ((لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ))، وَهِيَ أُمُّ القُرْآنِ(70). {بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}: بَرَكَةٌ وَاسْتِعَانَةٌ(71). {الحَمْدُ لله}، الحَمْدُ: ثَنَاءٌ، وَالأَلِفُ وَاللاَّمُ لاِسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ المَحَامِدِ، وَأَمَّا الجَمِيلُ الذِي لاَ صُنْعَ لَهُ فِيهِ مِثْلُ الجَمَالِ وَنَحْوِهِ، فَالثَّنَاءُ بِهِ يُسَمَّى مَدْحاً لاَ حَمْداً. {رَبِّ العَالمَِينَ}، الرَّبُّ: هُوَ المَعْبُودُ، الخَالِقُ، الرَّازِقُ، المَالِكُ، المُتَصَرِّفُ، مُرَبِي جَمِيعِ الخَلْقِ بِالنِّعَمِ. {العَالَمِينَ}: كُلُ مَا سِوَى الله عَالَمٌ، وَهُوَ رَبُّ الجَمِيعِ. {الرَّحْمَنِ}: رَحْمَةٌ عَامَّةٌ بِجَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ. {الرَّحِيمِ}: رَحْمَةٌ خَاصَّةٌ بِالمُؤْمِنِينَ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالىَ: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب:43]. {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}: يَوْمُ الجَزَاءِ وَالحِسَابِ، يَوْمَ كُلُّ يُجَازَى بِعَمَلِهِ، إِنْ خَيْراً فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}[الإنفطار:17-19]، وَالحَدِيثُ عَنْهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى الله الأَمَانِي))(72). {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}(73) أَي: لاَ نَعْبُدُ غَيْرَكَ، عَهْدٌ بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ أَن لاَ يَعْبُدَ إِلاَّ إِيَّاهُ. {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: عَهْدٌ بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ أَن لاَ يَسْتَعِينَ بِأَحَدٍ غَيْرَ الله. {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ} مَعْنَى:{اهْدِنَا}: دُلَّنَا وَأَرْشِدْنَا وَثَبِّتْنَا، وَ{الصِّرَاطُ}: الإِسْلاَمُ، وَقِيلَ: الرَّسُولُ، وَقِيلَ: القُرْآنُ، وَالكُلُّ حَقٌ. وَ{المُسْتَقِيَم}: الذِي لاَ عِوَجَ فِيهِ. {صِرَاطَ الذِّينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}: طَرِيقُ المُنْعَمِ عَلَيْهِمْ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69]. {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}: وَهُمُ اليَهُودُ، مَعَهُمْ عِلْمٌ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ، نَسْأَلُ الله أَنْ يُجَنِّبَكَ طَرِيقَهُمْ، {وَلاَ الضَّالِّينَ}: وَهُمُ النَّصَارَى، يَعْبُدُونَ الله عَلَى جَهْلٍ وَضَلاَلٍ، نَسْأَلُ الله أَنْ يُجَنِّبَكَ طَرِيقَهُمْ، وَدَلِيلُ الضَّالِّينَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}[الكهف:104،103]، وَالحَدِيثُ عَنْهُ-صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ َمْن قَبْلَكُمْ حَذْوَ القُذَّةِ بِالقُذَّةِ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ؛ قَالُوا يَا رَسُولَ الله: الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَْن))، أَخْرَجَاهُ(74). والحَدِيثُ الثَّانِي: ((افْتَرَقَتِ اليَهُودُ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ، وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ، وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَّةُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةٌ، قُلْنَا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي))(75). وَالرُّكُوعُ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ، وَالسُّجُودُ عَلَى الأَعْضَاءِ السَّبْعَةِ، وَالاعْتِدَالُ مِنْهُ(76)، وَالجَلْسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا}[الحج: من اللآية77]، وَالحَدِيثُ عَنْهُ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ ))، وَالطُّمَأْنِينَةُ فِي جَمِيعِ الأَفْعَالِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ الأَرْكَانِ، وَالدَّلِيلُ حَدِيثُ المُسِيءِ صَلاَتَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ((بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: ارْجِع فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَعَلَهَا ثَلاَثاً ثُمَ قَالَ: وَالذِّي بَعَثَكَ بِالحَقِّ نَبِيًّا لاَ أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ: إِذَا قُمْتَ إِلى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمْ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا(77)، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا(78)))، وَالتَّشَهُدُ الأَخِيرُ رُكْنٌ مَفْرُوضٌ(79)، كَمَا فِي الحَدِيثِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ الله عَنْهُ- قَالَ: ((كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ، السَّلاَمُ عَلَى الله مِنْ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى جِبْرِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وقال النبي -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ تَقُولُوا: السَّلاَمُ عَلَى الله مِنْ عِبَادِهِ، فَإِنَّ الله هُوَ السَّلاَمُ وَلَكِنْ قُولُوا: ((التَّحِيَّاتُ لله وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ))(80)، وَمَعْنَى التَّحِيَّات: جَمِيعُ التَّعْظِيمَاتِ لله، مُلْكًا وَاسْتِحْقَاقًا، مِثْلُ الانْحِنَاءِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالبَقَاءِ وَالدَّوَامِ، وَجَمِيعُ مَا يُعَظَّمُ بِهِ رَبُّ العَالَمِين فَهْوَ لله، فَمَنْ صَرَفَ مِنْهَا شَيْئًا لِغَيْرِ الله فَهْوَ مُشْرِكٌ كَافِرٌ، وَالصَّلَوَاتُ مَعْنَاهَا: جَمِيعُ الدَّعَوَاتِ. وَقِيلَ الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالطَّيِّبَاتُ لله: الله طَيِبٌ، وَلاَ يَقْبَلُ مِنَ الأَقْوَالِ وَالأَعْمَالِ إِلاَّ طَيِّبَهَا، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، تَدْعُو لِلْنَّبِيّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالسَّلاَمَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالبَرَكَةِ، وَالَّذِي يُدْعَى لَهُ، مَا يُدْعَى مَعَ الله(81)، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ، تُسَلِّمُ عَلَى نَفْسِكَ وَعَلَى كُلِّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَالسَّلاَمُ دُعَاءٌ، وَالصَّالِحُونَ يُدْعَى لَهُمْ وَلاَ يُدْعَوْنَ مَعَ الله(82)، أَشْهَدُ أَن لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، تَشْهَدُ شَهَادَةَ اليَقِينِ أَنْ لاَ يُعْبَدُ فِي الأِرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ بِحَقٍ إِلاَّ الله، وَشَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله(83)، بِأَنَّهُ عَبْدٌ لاَ يُعْبَدُ، وَرَسُولٌ لاَ يُكَذَّبُ، بَلْ يُطَاعُ وَيُتَبَعْ، شَرَّفَهُ الله بِالْعُبُودِيَّةِ، وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1](84). اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، الصَّلاَةُ مِنَ الله: ثَنَاؤُهُ عَلَى عَبْدِهِ فِي المَلأِ الأَعْلَى، كَمَا حَكَى البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي العَالِيَةِ قَالَ: صَلاَةُ الله ثَنَاؤُهُ عَلَى عَبْدِهِ فِي المَلأِ الأَعْلَى، وَقِيلَ الرَّحْمَةُ، وَالصَّوَابُ الأَوَّلُ، وَمِنَ المَلاَئِكَةِ: الاسْتِغْفَارُ، وَمِنَ الآدَمِيينَ: الدُّعَاءُ، وَبَارِكْ وَمَا بَعْدَهَا سُنَنُ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ. وَالوَاجِبَاتُ ثَمَانِيةٌ(85): جَمِيعُ التَّكْبِيرَاتَ غَيرَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ، وَقَوْلُ: سُبْحَانَ رَبِيَ العَظِيمِ فِي الرُّكُوعِ، وَقَوْلُ: سَمِعَ الله لِمَنْ َحِمدَهُ لِلإِمَامِ وَالمُنْفَرِدِ، وَقَوْلُ رَبَنَا وَلَكَ الحَمْدُ لِلْكُلِّ، وَقَوْلُ: سُبْحَانَ رَبِيَ الأَعْلَى فِي السُّجُودِ، وَقَوْلُ: رَبِّ اغْفِرْ لِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَالتَّشَهُّدُ الأَوَّلُ وَالجُلُوسُ لَهُ. فَالأَرْكَانُ مَا سَقَطَ مِنْهَا سَهْواً أَوْ عَمْداً بَطَلَتِ الصَّلاَةُ بِتَرْكِهِ، وَالوَاجِبَاتُ مَا سَقَطَ مِنْهَا عَمْداً بَطَلَتِ الصَّلاَةُ بِتَرْكِهِ، وَسَهْواً جَبَرَهُ السُّجُودُ لِلْسَّهْوِ. وَالله أَعْلَمُ(86). أسأل الله أن ينفعنا به يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين. عسى الله أن تنتفعوا به. جزاكم الله كل خير و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
توقيع العضو علي الزقم
ibrahim 80 عضو فعالالجنس : عدد المساهمات : 224
العمر : 31
وطني : موضوع: رد: شَرْحُ مَتن شُرُوط الصَّلاَة وَأَرْكَانِها وَوَاجبَاتهَا السبت يناير 30, 2010 2:07 pm