موضوع: حقيقة الاسماء الحسنى الثلاثاء مارس 23, 2010 11:27 pm
أمرنا الله عز وجل في غير موضع من كتابه أن ندعوه بأسمائه الحسني فقال: ولله الاسماء الحسني فادعوه بها[ الأعراف:180], وقال: قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ماتدعوا فله الأسماء الحسني[ الاسراء:110]. لكن السؤال الذي يطرح نفسه علي أهل العلم منذ زمن طويل: ماهي الأسماء الحسني التي تدعو الله بها؟ وكيف ظهرت الأسماء المشهورة التي يعرفها ملايين المسلمين حتي الآن؟ وهل هذه الأسماء سمي الله نفسه بها أو سماه رسوله صلي الله عليه وسلم؟
إن المتفق علي ثبوته وصحته عن رسول الله صلي الله عليه وسلم هو الإشارة إلي العدد تسعة وتسعين الذي ورد عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة. لكن لم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه عين الأسماء الحسني التسعة والتسعين أو سردها في نص واحد, وهذا أمر لايخفي علي العلماء الراسخين قديما وحديثا والمحدثين منهم خصوصا, إذا كيف ظهرت الأسماء التي يحفظها الناس منذ أكثر من ألف عام!
في نهاية القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجري حاول ثلاثة من رواة الحديث جمعها باجتهادهم, إما استناطا من القرآن والسنة أو نقلا عن اجتهاد الآخرين في زمانهم, وكان الأول منهم وهو أشهرهم وأسبقهم الوليد بن مسلم مولي بني أمية ت195 هـ وهو عند علماء الجرح والتعديل كثير التدليس في الحديث, والثاني هو عبد الملك الصنعاني وهو عندهم ممن لايجوز الاحتجاج بروايته لأنه ينفرد بالموضوعات, أما الثالث فهو عبد العزيز بن الحصين وهو ضعيف ذاهب الحديث كما قال الإمام مسلم, هؤلاء الثلاثة اجتهدوا وجمع كل منهم قرابة التسعة والتسعين اسما ثم فسر بها الحديث المجمل في الصحيحين.
لكن ماجمعه الوليد بن مسلم هو الذي اشتهر بين الناس منذ أكثر من ألف عام فقد جمع ثمانية وتسعين اسما بالإضافة إلي لفظ الجلالة وهي:
ولننظر كيف اشتهرت هذه الأسماء التي اجتهد الوليد بن مسلم في جمعها؟! كان الوليد في أغلب الأحيان عندما يحدث الناس بحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه ـ والذي يشير إجمالا إلي إحصاء تسعة وتسعين اسما ـ ثم يتبعه في أغلب الأحيان بذكر هذه الأسماء التي توصل إليها كتفسير شخصي منه للحديث, وقد نقلت عنه مدرجة مع كلام النبي صلي الله عليه وسلم, أو بمعني آخر ألحقت أو الصقت بالحديث النبوي, وظن أغلب الناس بعد ذلك أنها نص من كلام النبي صلي الله عليه وسلم فحفظوها وانتشرت بين العامة والخاصة حتي الآن,
ومع أن الإمام الترمذي لما دون هذه الأسماء في سننه مدرجة مع الحديث النبوي نبه علي غرابتها, وهو يقصد بغرابتها ضعفها وانعدام ثبوتها مع الحديث, بل من الأمور العجيبة التي لايعرفها الكثيرون أن الأسماء التي كان الوليد بن ملسم يذكرها للناس لم تكن واحدة في كل مرة ولم تكن متطابقة قط, بل تنوع اجتهاده عند الإلقاء فيذكر للناس أسماء أخري مختلفة عما ذكره في اللقاء السابق, فالأسماء التي رواها عنه الطبراني في معجمه وضع الوليد فيها الدائم بدلا من القابض الباسط اللذين وردا لفظي في رواية الترمذي المشهورة, واستبدل أيضا الرشيد بالشديد, والأعلي والمحيط والمالك بدلا من الودود والمجيد والحكيم,
وأيضا فإن الأسماء التي رواها عنه بن حيان في صحيحه وضع فيها الرافع بدلا من المانع في رواية الترمذي, ومارواه عنه ابن خزيمة في صحيحه وضع فيها الحاكم بديلا عن الحكيم, والقريب بديلا من الرقيب, والمولي بديلا من الوالي, والأحد مكان المغني, وفي رواية البيهقي استبدل الوليد المقيت بديلا من المغيث, ورويت عنه أيضا روايات أخري اختلفت عن رواية الترمذي في ثلاثة وعشرين اسما, لكن العجيب أن رواه عنه الترمذي هو الذي اشتهر.
والقصد أن هذه الأسماء التي يحفظها الناس ليست نصا من كلام النبي صلي الله عليه وسلم وإنما هي ملحقة أو مصلقة أو كما قال المحدثون مدرجة مع قوله صلي الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسما, وهذا أمر قد يكون غريبا علي عامة الناس لكنه لايخفي علي أهل العلم والمعرفة بحديثه صلي الله عليه وسلم, قال العلامة ابن حجر: والتحقيق أن سردها من إدارج الرواة وقال الأمير الصنعاني: اتفق الحفاظ من أئمة الحديث علي أن سردها إدراج من بعض الرواة,
وقال ابن تيمية عن رواية الترمذي وابن ماجه: وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث علي أن هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي صلي الله عليه وسلم وإنما كل منهما من كلام بعض السلف, وقال أيضا: ولم يرد في تعيينها حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم, وأشهر ماعند الناس فيها حديث الترمذي الذي رواه الوليد بن مسلم عن شعيب عن أبي حمزة, وحفاظ أهل الحديث يقولون: هذه الزيادة مما جعله الوليد بن مسلم عن شيوخه من أهل الحديث, وفيها حديث ثان أضعف من هذا رواه ابن ماجة,
وقد روي في عددها غير هذين النوعين من جمع السلف. وقد ذكر أيضا أنه إذا قبل بتعيينها علي مافي حديث الترمذي مثلا ففي الكتاب والسنة أسماء ليست في ذلك الحديث مثل اسم الرب فإنه ليس في حديث الترمذي, وأكثر الدعاء المشروع إنما هو بهذا الاسم, وكذلك اسم المنان والوتر والطيب والسبوح والشافي, كلها ثابتة في نصوص صحيحة وتتبع هذا الأمر يطول. وقال ابن الوزير اليماني: تمييز التسعة والتسعين يحتاج إلي نص متفق علي صحته أوتوفيق رباني,
وقد عدم النص المتفق علي صحته في تعيينها, فينبغي في تعيين ماتعين منها الرجوع إلي ما ورد في كتاب الله بنصه, أو ماورد في المتفق علي صحته من الحديث. ولما كان هذا حال الأسماء الحسني التي حفظها الناس لأكثر من ألف عام وأنشدها كل منشد وكتبت علي الحواائط في كل مسجد, فينبغي تنبيه الملايين من المسلمين علي ماثبت فيها من الأسماء وما لم يثبت, ثم تعريفهم بالأسماء الحسني الصحيحة الثابتة في الكتاب والسنة؟ وكيف يمكن أن نتعرف عليها بسهولة؟ ونظرا لضيق المساحة المتاحة نستكمل الموضوع في العدد القادم إن شاء الله.
العمر واحد عضو جديد
عدد المساهمات : 2
وطني :
موضوع: رد: حقيقة الاسماء الحسنى الخميس مارس 25, 2010 7:11 pm
شكرا لك جعله الله في ميزان حسناتك.
قطرة ندى المراقبة العامة
الجنس :
عدد المساهمات : 990
العمر : 32
وطني :
موضوع: رد: حقيقة الاسماء الحسنى الأحد مايو 16, 2010 9:01 pm