موضوع: حصاااااااااالة الجمعة يونيو 04, 2010 11:46 pm
حَـصَّـالـة
أقبَلت علينا تتلمَّسُ مكانها بين الصُّفوف، فالتَفَتَت إليها أنظارُنا متفحِصَّة العضو الجديد الذي سينضَم إلى أسرة "فصلنا"... ملامُحها لطيفة، تشي بروح طيّبة تستتِر بين الحَنايا، وحديثها مهذّب يدلُّ على حُسْنِ تربيَة وتوجيه، استطاعَت في غضونِ أيامٍ قليلةٍ أن تكسبَ حبّنا واحترامَنا بحُسنِ تعاملها ورِقَّّته. ذاتَ يوم ـ مِن أيّام شهر رمَضان المُبارك ـ وزَّعَت علينا وَرَقة و"حَصّالة"، أخذناهما ونحنُ في حيرَة من أمرنا ! لقد اعتدنا على توزيعِ الأوراقِ التي تحمِلُ بين طيّاتِها وعظًا طيّبًا، وعلى إهداءِ "الشّريط" الدَّعوي، أمّا أن يُقدَّم لنا "حَصَّالة" فهذا أمرٌ جديدٌ ! نظرتُ إليها، وكلّي فضول لمعرفةِ سرّ هذه "الحَصَّالة"، فأومَأت أنَّ السِّرَّ يَكمُن فيما كُتبَ على الوَرقةِ، فشَرَعتُ أقرَأ :
[ هل بينكَ وبين الله صِلة ؟ ... والصِّلة التي أقصدُها هي اتخاذكَ عمَلا صالحًا تداوِم عليه دونَ أن يعلمَ بكَ أحدٌ، فهوَ العَهدُ الذي بينكَ وبين الله ـ سُبحانه وتعالى. لا تستغرب سُؤالي، ولا تستثقله...! فقد تنوَّعَت الطاعات التي فرَضها الله علينا، واختلفت الأعمال الصَّالحة التي حبّبنا الله فيها، فلمَهْ كان هذا الاختلاف والتنوّع ؟! أيكون أحدُ هذه الأسبابِ أن تجدَ كلَّ نفسٍ الوسيلة التي تناسِبها في التَّقربِ إلى الله، فيسهلَ عليها إيجاد تلك الصِّلة بينها وبينه ـ سبحانه وتعالى ! قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: "أحبّ الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قلّ"، فقليلٌ دائمٌ خيرٌ مِن كثير مُنقطِع .
سأبوحُ لك بسرّ، ولا جُناح عليك إن أذعته...
إنّني أستقطعُ ـ كل شهر ـ من راتبي مبلغًا زهيدًا، وأصرفه إلى فئة " العشرين فلس "، ثمَّ أضعُ تلك العشرينات في علبة خاصَّة، وبجانبها "حصَّالة" للصَّدقات ـ تلكَ التي توزّعها اللّجان الخيريَّة، وأقوم كلّ صباح بوَضعِ "عشرين فلسًا " في "الحصَّالة" كصدقة عن نهاري، ثم أمضي إلى متابعة يومي وأنا مطمئنة إلى أنَّ الله سيحفظني، و"عشرين فلس" أخرى في المساءِ صدقة عن ليلتي لأشعرَ بذاتِ الطَّمأنينة، فصنائعُ المَعروفِ تقي مَصارعَ السُّوء، وصَدقة السَّرّ تطفئ غضبَ الرَّب... ]