هذا دون شك هو عصر العولمة .. عولمة تؤسس لديانة السوق .. حيث تندثر الحواجز
الجمركية و تخلق نمطا إقتصاديا موحداً و كرة القدم ليست ببعيدة جدا عن هذا ,
النمط الجديد .. فكل ما يمس العالم من تغيير إلا و تكون كرة القدم ..
ضحيته الأولى .. !!!
عولمة قوامها الإستهلاك , و غايتها النجاعة و الرفاه .. !!
و هذا ما نشهده الان في عالم الكرة ..!!!!! لن أعود كثيراً لعصور مضت و لكن سأعود بكم ,
لزمن ليس ببعيد , زمن كان إنتقال لاعب من فريق لاخر مسألة تدعو إلى الإستغراب ,
حتى و إن كانت ظروف, ذلك النادي سيئة , و ظروف , اللاعب أسوأ .. !
كانت كرة القدم بمثابة السبيل الوحيد ..
لتعلم مواجهة المصاعب .. و الخروج من المازق و لكن الان أصبحت ,
مسألة إنتقال لاعب من نادي إلى اخر مسألة , لم يعد للإنتماء فيها مكان و أمر أكثر من عادي,
بل بالعكس عدم إنتقال لاعب, سيسبب الإستغراب ..!!!
كرة القدم ليست اللعبة الأكثر شعبية في العالم فحسب بل هي اللعبة الأكثر تضررا بكل ما,
يرسمه الإقتصاديون و السياسيون .. أما تأثير الرياضيين على اللعبة فلم يعد
ملموسا , حتى بل أضحوا يعيشون حالة من الإغتراب ..
فالرياضي أصبح لا يقدر على ممارسة الرياضة و كرة القدم خاصة ..
على أساس أنها رياضة بل أصبح فيها بضاعة أو أقل قيمة من البضاعة فلم يعد الرياضي ,
يقدر حجم التضحيات التي يقدمها إلا قياسا بما يتقاضاه ..!!!
كيف يمكن للاعب لا يشعر ,بالراحة في مكان ما ..
أن يغادره دون مراعاة لما يربطه بناديه .. ؟ كيف ليمكن لنادي أن يلقي بلاعبيه
هكذا فقط لأن هناك لاعب أفضل يريد مغادرة نادٍ ثاني .. ؟ هل أصبحت كرة القدم فعلاً مع الواقف .. ؟
و من يسقط تدير له وجهها .. ؟ أبدا لم يكن الفوتبول هكذا و لا أعتقد ,
أنه يجب أن يكون كذلك ..
من جهة ثانية .. ليس من المنطق أن تطغى النزعة الفردية ,
أو أن تغلب العنصرية و الأنانية , على النادي .. و لكن ليس على حساب خصوصيات ,
ذلك النادي فأرسنال مثلاً لا يرتبطه , بإنقلترا إلا التاريخ و الإنتماء الجغرافي
فلا ملعبه و لا لاعبوه من أصول إنقليزية و لا حتى قائده ,
و لا مدربه و لا .. !
ليس أرسنال فقط .. منتخبات تجنس الأجانب من أجل كرة القدم ,
أندية تدعو لإعادة , الإعتبار لأصلها .. فحتى الطبيعي أصبح مدعاة للتجارة , فحتى ملاك الأندية,
أصبحوا أجانب .. نستطيع إذا أن نقول أن اللاعبين أصبحوا , يصبون إهتمامهم على ,
البلد و المال أكثر مما يهتمون بالنادي .. الذي ينشطون فيه ..
و من الجهة المقابلة يتضرر أبناء ذلك الوطن على مستوى , منتخباتهم الوطنية ,
فما الذي يجعلك تستثمر في تـة المواهب المحلية , ما دمت قادراً ..
على استئجارها من الخارج .. ؟
الأمر مماثل بالنسبة للاتحادات الوطنية .. فمنذ بدأت بطولة الاتحاد الإنجليزي الأولى ,
في سنة ١٩٩٢ .. لم تخرج إلا بطولة واحدة من يد مانشستر يونايتد و أرسنال و تشيلسي ,
في إيطاليا لم تخرج بطولة الدوري الممتاز إلا مرتين .. منذ عام ١٩٩١ ..
من يد يوفينتوس , أو ايه سي ميلان أو الإنتر ..
في أسبانيا فاز نادي برشلونة ونادي ريال مدريد بكل البطولات منذ عام ١٩٨٥ و حتى الآن ,
باستثناء ثلاث بطولات .. السبب في ذلك هو ثراء هذه الأندية ,
الأمر الذي يجعلم قادرين , على إستقطاب أفضل النجوم .. و رغم هذا فالبعض
يزعم أن , مستوى كرة القدم تطور .. هذا يرجع لما يطلق عليه ,
الخبراء الإقتصاديون بالزيادة العائدة إلى الحجم ..
فجمع الأفضل في نادي واحد سيجعل من البقية أقزاما أمامهم , و هذا تقريبا ما يساهم ,
مع كل موسم في إعدام المنافسة .. و تغذية الفوارق بين أندية أوروبا ,
و المنتخبات العالمية .. !
لهفة الأندية على إقتلاع الأفضل من أصوله و الزج به في منظومته ..
أضر كثيراً بالمنتخبات الوطنية ..
فهذه المنتخبات لا يتعلق أمرها بالمال ..
بل يصبح دفاعا عن هويتك و واجبا وطنيا و طالما أن ذلك, اللاعب لا يعرف معناها تقريبا ..
فمن الطبيعي أن تجده , يلعب دون روح فهو متعود, على أن يضيف لرصيده ,
رقم بعشرات الأصفار , و قميص شبه جاف ..
و لم يتعود أن يخرج برصيد لم يستفيد من مباراة وطنية و لن يكون على إستعداد ,
بأن يلعب مجانا , مقابل تقديمه لقميص تغير لونه من العرق ..
و منذ ظهور هذه العقلية الإقتصادية و إنتشارها ..
تناقص متوسط هامش الفوز , بين المنتخبات الوطنية الثمانية الأول , في بطولة كأس العالم ,
لكرة القدم .. على نحو ثابت , من أكثر من هدفين في فترة الخمسينيات إلى حوالي هدف
و نصف الهدف في فترة الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات .. ثم إلى ٠.٨٨ ,
هدف فقط في بطولة كأس العالم التي جرت في عام ٢٠٠٢ .. !
٥٦ بالمائة من لاعبي الدوري الايطالي اجانب ..
٥٥ بالمائة من لاعبي الدوري الاسباني اجانب , مقابل إرتفاع عدد الإسبان في الليغا ..
و بذلك إرتفعت أسهم , المنتخب الإسباني .. كذلك الحال بالنسبة لإنقلترا ..
و لو بدرجة أقل بكثير ..
٥٧ بالمائة من لاعبي الدوري الانكليزي اجانب ..!! و نلاحظ أن نسبة الأجانب قلت نوعا ما ,
كما أنني لست ضد تهميش الأجانب بل مع تحديد عددهم ..!!! إلى خمسة ربما يكفي ,
و إلا ربما سنتابع على فترات مختلفة و مراحل متعددة موت الروح و الوفاء ..
و مزيد تعزيز , لمكانة اليورو و الدولار داخل عالم المستديرة ..
و ربما ستصبح الأندية , مؤسسات إقتصادية بالأساس في القريب العاجل , كل شيء ممكن ,
على وقع هذه العولمة , الكونية المزعومة ..