موضوع: زانيتي وكامبياسو الجنديان المجهولان الجمعة يونيو 04, 2010 5:02 pm
:D يطلقون عليهم في سباق الدراجات اسم حاملي الماء، وفي رياضة الرجبي بلاعبي الواجب. أما في كرة القدم، فيتم التأكيد أحياناً على أهمية الدور المؤثر الذي يؤديه "جنود الخفاء" على رقعة الميدان. ولعل خافيير زانيتي وإستيبان كامبياسو يشكلان خير مثال على تلك الفئة من النجوم الخافتة التي لا يستقيم لفريق أمر إلا بوجودها وتألقها، إذ يشكلان دعامتين أساسيتين في ترسانة نادي إنتر ميلان الإيطالي والمنتخب الأرجنتيني على حد سواء.
عندما نتحدث عن العملاق الإيطالي إنتر ميلان فإننا عادة ما نذكر هدافي الفريق كصامويل إيتو أو دييجو ميليتو، ونتحدث بتقدير واحترام كبيرين عن انقضاضات حارس المرمى البرازيلي جوليو سيزار ونستعرض شراسة وقوة المدافعين الجنوب أمريكيين لوسيو ووالتر صامويل ومايكون وإيفان كوردوبا، دون أن ننسى الدولي الإيطالي المثير للجدل ماركو ماتيرازي.
وقليلون هم من سيثنون على أداء كابتن الفريق خافيير زانيتي، الذي دافع عن ألون الإنتر في 674 مباراة. هذا اللاعب المخضرم الذي وصفه مدافع السيدة العجوز ومنتخب الأزوري، فابيو كنافارو، بـ"اللاعب المدهش والقائد المثالي."
أما في ما يخص إستيبان كامبياسو، الذي يجمع بين مهارة فيرناندو ريدوندو ودهاء بيرند شوستر، فقد صرح رئيس النادي الإيطالي ماسيمو موراتي أن هذا اللاعب الأنيق "سيصبح كابتن الإنتر عندما يقرر خافيير وضع حد لمسيرته مع الفريق."
14 مدرباً، مئات اللاعبين، وكابتن واحد
حط خافيير أدلمار زانيتي، الذي يبلغ من العمر 36 سنة، الرحال بمدينة ميلانو سنة 1995، قادماً إليها من بانفيلد. ومنذ أن بدأ مسيرته في الدوري الإيطالي الممتاز في 27 آب/أغسطس 1995 أمام نادي فيتشينزا (1-0)، جاور زانيتي أربعة عشر مدرباً ومئات اللاعبين. ولم يكن مكانه كأساسي في الفريق محط تساؤل أو انتقاد، بل على العكس من ذلك تماماً. ومع توالي المواسم، أصبح هو نفسه رمزاً من رموز النادي الإيطالي. ويعتقد تارسيسيو بورجنيش، الذي يعد أسطورة أخرى في تاريخ الإنتر، أن زانيتي: "يشكل تجسيداً للرياضي المثالي والمحترف المثابر والملتزم، إذ يُعد مثالاً يحتذى بالنسبة للأجيال الصاعدة. ولو أن لاعبي اليوم عرفوا كيف يحافظون على أنفسهم كما يفعل هو، لكان رواد الأقسام الطبية من اللاعبين أقل عدداً."
والغريب في الأمر أن زانيتي سيحتفل بعيد ميلاده السابع والثلاثين غداة انطلاق نهائيات كأس العالم FIFA 2010، وهو أمر يصعب تصديقه خاصة عندما نتابع الأداء الرائع الذي يقدمه هذا اللاعب وكأنه ما زال في عقده الثاني. وبالإضافة إلى ميزاته كصانع ألعاب وكابتن مثالي تحظى نصائحه وتوجيهاته باحترام وتقديرٍ كبيرين لدى زملائه في الفريق، فإن بوبي يتميز أيضاً بإجادته اللعب في الجناحين الأيسر والأيمن وفي قلب الدفاع كذلك. والأدهى من ذلك أنه يملك رؤية ثاقبة في اللعب قل نظيرها بالنسبة للاعب في خط الدفاع. وفي هذا السياق صرح دييجو مارادونا مباشرة بعد توليه مقاليد منتخب التانجو: "إن زانيتي أفضل منا جميعاً كلاعبين. إنه شخص رائع، وإيجابي بالنسبة للمجموعة. فهو دائم التحدث إلى جميع مكونات الفريق. إنه يعلم جيداً كيف يوظف خبرته."
أما إستيبان كامبياسو، صاحب التاسعة والعشرين ربيعاً الذي يلقب بـ"إل كوتشو"، فقد كان لريال مدريد الفضل في اكتشاف موهبته مبكراً حيث قضى مدة تدريبية لموسمين في أكاديمية العملاق الأسباني. وكان كامبياسو قد تلقى تكوينه الأول بفريق مارادونا الأم أرجنتينوس جونيورز، قبل أن يطرق وكلاء النادي الملكي باب والديه وعمره لم يتجاوز بعد الخمس عشرة سنة. وقد نصحه والده، كارلوس، الذي كان هو أيضاً لاعباً محترفاً في الماضي، قائلاً: "أنا أعمل منذ ستين سنة، وإلى الآن لم أتمكن من تحقيق شيء؛ لا يحق لك أن تفوت على نفسك فرصة ذهبية مثل هذه."
وبعد عشر سنوات من ذلك، كان وسط الميدان الدفاعي، الذي لا يتردد في المشاركة في الهجوم كذلك، قد فاز بجميع الألقاب، باستثناء كأس العالم "للكبار"، علماً أنه سبق وأن تُوج برفقة منتخب بلاده بكأس العالم تحت 20 سنة FIFA. ويقول زانيتي في حق هذا اللاعب الموهبة: "إنه شخص إيجابي في تفكيره ولا يتردد في مساعدة زملائه بإسداء النصيحة وبتكثيف المجهود داخل رقعة الميدان. إنه لاعب كبير وسخي، أبان طوال مسيرته الإحترافية عن ذكاء تكتيكي عالٍ. إنه مستعد لأن يحمل شارة الكابتن."
بارقة أمل
يملك زانيتي الرقم القياسي من حيث المشاركات الدولية رفقة المنتخب الأرجنتيني، حيث دافع عن ألوان ألبيسيليستي في 136 مباراة دولية، بينما يملك كمبياسو في رصيده 46 مشاركة دولية، ولو كانا ينتميان لأي بلد آخر، فمن المؤكد أنهما سيكونان أساسيين في التشكيلة الرسمية لمنتخب ذلك البلد التي ستخوض غمار منافسات كأس العالم بجنوب أفريقيا الصيف القادم. غير أن مارادونا لم يستعن بخدمات كامبياسو إلى حدود اليوم، بينما يبدو أنه يميل إلى اختيار لاعب آخر على المستوى الدفاعي. ويعلق زانيتي عن ذلك بالقول: "من الصعب أن يبقى اللاعب في القمة في بلد مثل الأرجنتين، الذي يشهد في كل لحظة بزوغ نجم مواهب جديدة في سماء كرة القدم."
ومع ذلك، كان لاعبا نادي إنتر ميلان سعيدين عندما تابع مارادونا مباراة إياب فريقهما أمام نادي تشيلسي الإنجليزي، في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا UEFA. وفي هذا السياق، يقول زانيتي بتواضعٍ كبير: "يدرك مارادونا جيداً ما يمكن أن أقدمه للمنتخب الوطني، سواء على رقعة الميدان أو خارجه. بالنسبة لي يُعد اللعب في صفوف المنتخب الوطني أمراً غاية في الأهمية. ثم أنني لم أفقد الأمل، لأن كرة القدم علمتني أن أؤمن بحظوظي إلى آخر لحظة."
وفي حال وقعت المفاجأة السعيدة، عندما يكشف مارادونا عن لائحة اللاعبين الثلاثة والعشرين الذين سيرافقون المنتخب إلى بلاد قوس قزح، لن يعترض بوبي و إل كوتشو عن فكرة الخروج من الظل ومعانقة الأضواء، ولو لمرة واحدة.