وأظُنّ أننا لسنا في المرتبّة الأُولى في هذا المقام , لأن الناس في هذا المقام أربعّة أقسام :
1- منهم من يعبد الله ويستعينه 2- ومنهم من لايعبد الله ولايستعينه 3- ومنهم من يُغلب جانب الإستعانة 4- ومنهم من يُغلّب جانب العبادّة .
وأعلى المراتب الأُولى .. أن تجمع بين العبادّة والإستعانة .
ولـ ننظر في حالنا الآن دائماً نُغلِّب جانب العبادَّة , فتجد الإنسان يتوضأ وليس في نفسه شعُور أن يستعين الله على وضوئه , ويُصلي وليس في نفسه شعور أن يستعين الله على الصلاة وأنه إن لَم يُعنه ما صلَّى .
وقُلنا : الناس ينقسمون أربعة أقسام , لكن الحقيقة أننا في غفلّة عن هذا , مع أن الإستعانة نفسها عبادَّة , فإذا صليّت - مثلاً - وشعرت أنك تُصلي لكن بمعُونة الله وأنهُ لولا معونةُ الله ما صليّت , وأنكَ مُفتقرٌ إلى الله أن يُعيّنك حتى تُصلي , وتتم الصلاة , حصلت عبادتين : الصلاة والإستعانَّة .
فأكثر عباد الله - فيما أظنُ الآن والعلمُ عندَ الله - أنهم يُغلِبُّون جانب العبادّة , فتراهُم يُغلِبُون جانب العبادّة , ويستعينون بالله في الشدائد , فحينئذٍ يقولُ أحدهم : اللهمَّ أعني , لكن في حال الرخاء تكون الإستعانّة بالله قليلّة من أكثر الناس .
كما أن بعضُ الناس تجد عندهم تهاوناً في العبادات لكن عندهم إستعانّة بالله , كل أمورهم يقولون : إن لَم يُعِنَّا الله مانفعلُ شيئاً , حتى شِراك نعالهم مايُصلحه إلا مُستعيناً بالله , هذا حسن من وجه ولكنهُ ضعيفٌ من وجه آخر , ومن الناس من يعبّد الله ويستعينه , يجمع بين الأمرين ويعلم أنه عابدٌ لله متوكِلٌ عليه , ولهذا دائماً يقرن الله تعالى بين العبادّضة والتوكل ,