موضوع: وصايا رسول الله صلى الله وعليه و سلم على الجار الجمعة مايو 21, 2010 8:34 pm
حقوق الجار[ الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد : فهذه أحاديث تربوية في مجال حفظ الجار , فمن ذلك ما أخرجه الأئمة البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " ([1]) . يعني أنه من عظم حق الجار تكررت الوصية من جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ببيان حقه وإكرامه والنهي عن أذاه حتى أصبح بمنزلة الأخ من النسب , وحتى ظن صلى الله عليه وسلم أن التشريع سينزل بتوريث الجار من جاره . ونجد أن النبي صلى الله عليه وسلم ينفي الإيمان عن الإنسان الذي لا يحب جاره , كما أخرج الإمام مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه " ([2]) . فلقد بلغ من اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالجار أن أقسم على نفي الإيمان عن عبد لا يحب لجاره ما يحب لنفسه , وهذا من أبلغ الأدلة على عظم حق الجار , وإذا كان الإنسان سينتفي عنه الإيمان إذا أبغض جيرانه فما قيمة وجوده في هذه الحياة الدنيا ؟! إن قيمة وجوده في إيمانه وما يقدمه من عمل صالح يرفع رصيده من الحسنات يوم القيامة , ويأتي في مقدمة هذه الأعمال حبه لجيرانه. وجاء ضمن حديث طويل يشتمل علىوصايا نبوية : "وأحسن جوار من جاورت تكن مسلما" ([3]). فالمجاورة بالإحسان لابد منها للحكم للإنسان بالإسلام وبضد ذلك إذا جاور بسوء . وفي إقرار مبدأ التكافل الاجتماعي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ماآمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به " أخرجه الطبراني من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ([4]) . فهذا حديث عظيم , فإن أعز شيء على المسلم إيمانه, وإذا كان إيمانه سينتفي حينما يترك جاره جائعا وهو يعلم به فإنه سيسارع إلى إطعام جاره ولو بمقاسمته طعامه, وبهذا الحديث وأمثاله فإنه لن يوجد جائعون في العالم الإسلامي , لأن الإسلام يلزم جيرانهم بإطعامهم . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان أفضل الجيران "خير الأصحاب خيرهم لصاحبه, وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره"أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما([5]). والخيرية عند الله تعالى منزلة عالية , وكل إنسان له جيران, والتفاضل بين هؤلاء الجيران عند الله تعالى يكون بمقدار مايقدمون لجيرانهم من الخير والإحسان . وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم الجيران بالتهادي بينهم حتى يذهب مافي نفوسهم من البغضاء وتتقوى الصلة بينهم , ففي حديث أخرجه الأئمة البخاري ومسلم والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يانساء المؤمنات لاتحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة " . وفي رواية الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" تهادوا فإن الهدية تُذهب وحر الصدر , ولا تحقر جارة لجارتها ولو شق فرسن شاة " ([6]) . ووحر الصدر غله وغشه .وفرسن الشاة ظلفها , ويطلق على العظم القليل اللحم , والمراد الشيء القليل . ففي هذا الحديث بيان ما للهدية من أثر فعال في تصفية القلوب وإزالة مايكدر صفوها من الغل والحقد , لأن المسلم حينما يقدم لأخيه الهدية فإنما يعبر له بذلك عن صفاء قلبه نحوه , واستعداده الكامل للتفاهم معه على الأمور التي قد تكون سببا في تكدير صفاء القلوب , فإذا استشعر المهدى إليه هذا المعنى فإنه بدوره ينجذب نحو أخيه المهدي إليه ويزول مافي قلبه عليه من الغل والحقد . وإذا كان هذا مطلوبا بين المسلمين عموما فإنه بين الجيران من باب أولى , وقد جاء التعبير عن الجيران بالجارات من النساء لأنهن عادة يستنكفن من الهدية إذا كانت قليلة فلا يهدين إلا ماكان كثيرا, وهذا الكثير قد لا يتوافر فتتوقف بذلك الهدايا بين الجيران , فجاء الارشاد خاصا بالنساء ليبادرن إلى التهادي بينهن ولو بأقل القليل . وفي التهادي بين الجيران أخرج الإمام مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: "إن خليلي أوصاني : إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أقرب أهل بيت من جيرانك فأصبهم بمعروف" ([7]) . وفي حديث آخر أخرجه الإمامان البخاري وأبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: " قلت: يارسول الله إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال: إلى أقربهما منك بابا" ([8]) . وفي هذا دليل على أن الذي يُقدَّم بالهدية هو الأقرب من الجيران , وليس الأغنى أو الأكثر شرفا ورفعة . ولقد طبق الصحابة رضي الله عنهم هذه التوجيهات النبوية ومن ذلك ما أخرجه الإمامان أبو داود والترمذي من حديث عمرو بن شعيب رحمه الله عن أبيه قال: ذُبحت شاة لابن عمرو في أهله فقال: أهديتم لجارنا اليهودي ؟ قالوا : لا , قال: ابعثوا إليه منها , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه " ([9]) . وهكذا اهتم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بجاره اليهودي , ولم يحرمه من الهدية لكونه على غير دينه , فإن له حق الجوار وإن كان مخالفا في الدين , وهذا مثل على تسامح المسلمين وحسن معاملتهم لأهل الذمة , وذلك تنفيذ منهم لأحكام الإسلام وآدابه . وإن هذه المعاملة الكريمة لمن ليسوا على ديننا لأكبر دافع لهم إلى الدخول في الإسلام , وإزالة مافي نفوسهم من الكراهية لهذا الدين والنفور منه 1.
* نجلاء* مشرفة المنتدى العام
الجنس :
عدد المساهمات : 3657
العمر : 32
الوظيفة :
وطني :
موضوع: رد: وصايا رسول الله صلى الله وعليه و سلم على الجار السبت مايو 22, 2010 9:18 pm