هل للوقت قيمة حقا في ديننا؟؟ هل إسلامنا أمرنا بالمحافظة عليه وعدم تضييعه فيما لايفيد؟؟
لقد اهتم الإسلام بالوقت أيما اهتمام وقد أقسم الله تعالى بالعصر وهو الدهر الذي هو زمن تحصيل الأعمال والأرباح للمؤمنين، وزمن الشقاء للمعرضين، ولما فيه من العبر والعجائب للناظرين فقال الله تعالى :{وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} العصر 1،2
وأقسم سبحانه وتعالى بالليل والنهار ليبين لنا أهمية الوقت في كل زمان ومكان فقال تعالى :{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} الليل 1،2
وأقسم بالفجر فقال تعالى :{وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} الفجر 1،2
والآيات كثيرة التي تبين أهمية الوقت وضرورة اغتنامه في طاعة الله لا يتسع الوقت لإفرادها كاملة.
وهناك أحاديث كثيرة توضح ذلك.
فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل به ؟" حديث صحيح
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" صحيح البخاري
وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل" حديث صحيح
أي أن الوقت مهم جداً ولو كان في الدقيقة الأخيرة في حياة الإنسان
وقال صلى الله عليه وسلم: " اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك " حديث صحيح
أخي المسلم وأختي المسلمة هل لدى المؤمن وقت فراغ؟ نعم ولقد دلّ هذا الحديث الشريف على ذلك فعلينا أن نغتم فراغنا ليس بالضرورة أن تقضي وقتك كله في العبادة كالصلاة أو الصيام بل كل عمل تقوم به إن صححت فيه نيتك فهو عبادة لله جل وعلا استغل كل ثانية من وقتك في طاعة الله جل وعلا
ولقد اهتم سلفنا الصالح بالوقت غاية الإهتمام فإن معرفة أحوالهم وقراءة سيرهم أكبر عون للمسلم على حُسن استغلال وقته، فهم خير مَن أدرك قيمة الوقت وأهمية العمر، وهم أروع الأمثلة في اغتنام دقائق العمر، واستغلال أنفاسه في طاعة الله.
[color=#4f4944]يقول الحسن البصري - رحمه الله -:
"يا ابن آدم، إنَّما أنت أيَّام، كلَّما ذهب يومٌ ذهب بعضُك" والناظر في حال كثير منَّا اليوم، وكيف يقضون أوقاتهم؛ من تضييع وإهدار للوقت - يعلم أنهم محرومون من نعمة استغلال العمر، واغتنام الوقت؛ ولذا نراهم ينفقون أوقاتهم، ويهدرون أعمارهم فيما لا يعود عليهم بالنفع
قال يحيى بن معاذ:" إضاعةُ الوقت أشدُّ منَ الموت؛ لأنَّ إضاعةَ الوقت انقطاعٌ عن الحقّ، والموتُ انقطاعٌ عن الخلق".
وقال ابن مسعود :"ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي" .
يقول ابن الجوزي - رحمه الله -:"رأيتُ عموم الخلائق يدفعونَ الزمانَ دفعًا عجيبًا، إن طالَ الليلُ، فبحديثٍ لا ينفع، أو بقراءةِ كتابٍ فيهِ غزاة وسمر، وإن طالَ النَّهارُ فبالنوم، وهم أطرافُ النَّهارِ على دجلة أو في الأسواق... إلى أن قال: فاللهَ الله في مواسمِ العمر، والبدارَ البدار قبلَ الفوات، واستشهدوا العلم، واستدلوا الحكمة، ونافسُوا الزمان، وناقِشُوا النفوس، فكأن قد حَدَا الحادي فلم يُفهم صوتهُ من وقع الندم"
فهذا ابن الجوزي يَتَكَلَّم عن زمانه!!!
فماذا نقول نحن عن زماننا ؟؟؟!!!
واقع مرير كلنا يحياه إلا من رحم ربي
نضيع وقتنا وإن صدقت فقل نضيع أعمارنا
هلاّ حاسبنا أنفسنا على هذه الساعات؟؟ أم أننا أحرار نفعل في وقتنا ما نشاء وكأننا لن نسأل عن كل ثانية فيه. يقول الله تعالى : {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } الأنبياء47
تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جنَّ ليــــلٌ هـــــل تعــيشُ إلــى الفجــــرِ فكم من سليمٍ مات من غير عِلَّةٍ وكم من سقيمٍ عاش حِيناً من الدهرِ وكم من فتىً يمسي ويصبح آمناً وقــــد نُسجتْ أكفانُه وهــــو لا يـــــــدري