السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد..
فقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما
تقدم من ذنبه» [رواه البخاري ومسلم وابن عساكر والبغوي وصححه الألباني].
وهذه
جائزة كبرى لأن من لا ذنب له فلا عقوبة عليه، وقد سلمت له حسناته ومن جاء
يوم القيامة ولا ذنب عليه فهو السعيد حقاً قال تعالى: {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ
النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ} [آل عمران: 185].
ولما
كان قيام الليل والتهجد من أشق العبادات ومن أعظمها أجراً، فهذه بحمد الله
مجموعة من التنبيهات التي تيسر لك القيام، بل قد تجعلك تقوم وأنت فرح
مسرور سعيد، لا ترى أنك قد أُعطيت من قرة العين وفرحة القلب مثله.
1- تذكر أنك بحضرة الملك:
تذكر
وأنت تقوم في الصلاة أنك بحضرة الملك الذي تناجيه ويناجيك، ويذكرك حال ذكرك
له، فإن الله سبحانه وتعالى قد قسم الصلاة بينه وبين عبده، فإذا قال
العبد: الحمد لله رب العالمين، قال تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن
الرحيم، قال: أثنى عليّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي،
وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل،
وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب
عليهم ولا الضالين: قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
وتذكر
أنك عندما تذكر الله في نفسك فإن الله يذكرك في نفسه، وتذكر أنك أقرب ما
تكون من الله عندما تكون ساجداً، وإذا تذكرت ذلك كله علمت أنك في مقام
القرب، ومن كان في مقام القرب تنزلت عليه الرحمات والبركات. فأي سعادة هذه
لمن يستشعر هذا الشعور؟!
2- الصلاة أحسن عملك:
لا عمل
للإنسان قط أشرف وأنفع من الصلاة، فأما عمل الدنيا فركعتان يركعهما العبد
خير له من الدنيا كلها وما فيها وهذه على الحقيقة واليقين فقدر أنك لو كنت
في عمل دنيوي يدر عليك ألف ألف مليوناً في عشر دقائق، فإنك بصلاة ركعتين قد
حزت أكبر من ذلك وأفضل آلاف الآلاف من المرات ولتكن موقناً بذلك.
وأما عمل الآخرة فالصلاة أفضل العمل لقوله صلوات الله عليه وسلم: «الصلاة خير موضوع» [حسنه الألباني].
3- إتعب في الصلاة.. فالنصب مقصود:
النصب في
الصلاة مقصود ومحبوب للرب فانصب في صلاتك: طولَ قيامٍ، وطولَ ركوعٍ
وسجود.. فإن الله لما أمر رسوله وأصحابه بقيام الليل قال لهم: {إِنَّا
سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً() إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ
أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمل: 5-6].
فالتهجد وترك النوم ثقيل على النفس والقيام الطويل متعب، ولكن اعلم أن هذا مقصود ومحبوب عند الله تعالى.
فلتحب
ما يحب الله وقد قال الله لرسوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} [الشرح: 7]
أي إذا فرغت من عمل الدنيا فانصب في العبادة والنصب هو (التعب) ومن أجل
ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه.
4- إذا نصبت في الصلاة فاذكر الأسوة:
إذا نصبت
في صلاتك فتذكر رسول الله الذي كان يقوم حتى تتفطر قدماه، وقد غفر الله له
ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وتذكر قيام الصحابة والسلف الصالح فقد أتوا في
هذا الباب من العجائب، فكان منهم من يقرأ القرآن كله في ثلاث ليال فقط
ويعيش على ذلك عمره كله ومن يختم في سبع، ومن يختم في عشر... وكانوا كما
قال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات:
17].
وقال سبحانه وتعالى أيضاً {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعا} [السجدة: 16].
5- تفكر فيما تقول:
يجب أن
تصلي وأنت حاضر القلب تفكر فيما تقول وتتدبر ما تقرأ من القرآن، وما تسمع
منه، وكان رسول الله عند قراءته لا تمر عليه آية فيها رحمة إلا وقف عندها
وسأل الله، ولا تمر عليه آية فيها عذاب إلا وقف عندها واستعاذ بالله.
فتدبر معاني التسبيح والتحميد والتكبير وكلمات تعظيم الرب وتمجيده وذكره.
6- أكثر من الطلب والدعاء:
أنت
بحضرة الملك وتناجي الرب الذي لا ينقصه عطاء ولا يثقله دعاء، والذي كلما
سألته ازددت منه قرباً، ولك حباً فادع متضرعاً راجياً حاضر القلب موقناً
بالإجابة.