حينما نتحدث عن بر الوالدين علينا أن نعرف ما هو البر أولاً. البر لغة هم الصدق والإحسان إلى الوالدين وهو ضد العقوق والإساءة إلى الوالدين. الله تبارك وتعالى ساعة أمرنا ببر الوالدين أمرنا بذلك مقروناً بالعبادة والتوحيد (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) الإسراء) (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (36) النساء) قضت حكمة الله تبارك وتعالى أن يقرت عبادته وتوحيده ببر الوالدين وإذا تدبرنا الآيات (وبالوالدين إحسانا) والإحسان أطلقه تعالى مع الأمر ببر الوالدين ولم يقل وبالوالدين حسناً، فالإحسان هو أعلى درجات البر بالوالدين. وإذا تدبرنا الآيات بصدق لفهمنا حقيقة الأمر لأن حقيقة الأمر تختلف عن الواقع للأسف(إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) قال تعالى (عندك) وليس في دار المسنين أو دور العجزة، فكأنما بلوغ الأب أوالأم أو كلاهما من الكبر عند الإبن ليرتفع بها ويرتقي بها عند الله تعالى. هذه نعمة كبيرة ينعم بها المولى تبارك وتعالى علينا أن يبلغ الأب والأم أو أحدهما الكبر عندنا وهذه مسألة شرعية وإن شئت فشرعية إجتماعية فما قاله الحق تبارك وتعالى لأن الأم والأب لا يستطيع الواحد أن يجزيهم جزاء ما صنعوا معنا والله تعالى ينعم علينا أن يبلغ الأب والأم أو أحدهما الكبر عندنا لنبلغ درجة من درجات القرب من الله تبارك وتعالى. (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا). كم سهر الأب والأم على راحتنا ونحن أطفال وكم سهروا ونحن كبار. إن الأب والأم لا يمكن مكافأتهما. عندما قضى الله تعالى ببر الوالدين قضى به مقروناً مع العبادة والتوحيد فكأني بالله تبارك وتعالى يقول: إن توحيدي وبر الوالدين على قدر المساواة. فالموحّد الحق هو الذي يُحسن إلى والديه وأنا أدعوكم أن تتدبروا هذه الآيات. رب ارحمهما كما ربياني صغيراً.
أيها الأخ الكريم هل تعلم أن الجنة في بيتك والنار داخل بيتك ؟ نعم .. إنه الوالد والوالدة قال الحبيب صلى الله عليه وسلم ( الوالد أوسط أبواب الجنة فاحفظ البيت إن شئت أوضيع ) .
قال العلماء : من أبواب الجنة باب الوالد أي الوالدين
وهذا الباب قد يدعى أناس عليه يوم القيامة أن ادخلوا من هذا الباب فيدخلون الجنة عن طريق هذا الباب. ولكن يا ترى من هم هؤلاء الذين يدخلون من هذا الباب ؟ إنهم أهل البر بالوالدين إنه باب داخل البيوت ولكن أكثر الناس لا يشعرون بذالك .
-الوقفة الأولى دائر العجزة تنحدث :
شيخ كبير تجاوز السبعين من العمر أصابه مرض شديد قالت زوجة الابن الأكبر: أنا على وشك ولادة ووالدك دائماً أمامي وأشعر بإنزعاج وهو أمامي .. يعني تريد هذه الزوجة حلا لهذا الأب الكبير فاتصل الأخ الأكبر على من تحته فوافقا على أن يذهبا به إلى دارالعجزة .
أخذا معهم والدهم هو لا يدري أين سيذهب قالوا له : سنذهب بك إلى المستشفى كي يرعونك هناك وفعلاً ذهبوا به لكن إلى دار العجزة.. دخل الأب ولم يأتوا له إلا بعد شهر كامل توالت الأحزاب ودمعة العينان !!! وغضب الرب جل وتعالى {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
يقول الراوي كنت على شاطئ البحر فرأيت امرأة كبيرة في السن جالسة على ذلك الشاطئ تجاوزت الساعة 12مساءً فقربت منها مع أسرتي ونزلت من سيارتي ... أتيت عند هذه المرأة , فقلت لها : يا والدة من تنتظرين ؟
قالت : انتظر ابني ذهب وسيأتي بعد قليل ... يقول الراوي : شككت في أمر هذه المرأة .. وأصابني ريب في بقائها في هذا المكان . الوقت متأخر ولا أظن أن أحد سيأتي بعد هذا الوقت ...
يقول : انتظرت ساعة كاملة ولم يأت أحد ... فأتيت لها مره أخرى فقالت : يا ولدي .. ولدي ذهب وسيأتي الآن . يقول : فنظرت فإذا بورقه بجانب هذه المرأة .
فقلت : لو سمحت أريد أن اقرأ هذه الورقة .
قالت : إن هذه الورقة وضعها ابني وقال : أي واحد يأتي فأعطيه هذه الورقة.
يقول الراوي : قرأت هذه الورقة ... فماذا مكتوب فيها ؟
مكتوب فيها : ( إلى من يجد هذه المرأة الرجاء أن أخذها إلى دار العجزة ). عجباً لحال هؤلاء .
- دعونا ننتقل إلى سيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , كيف كانت علاقة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بوالديهم ؟ هذا نوح عليه السلام يدعو للوالدين ويقول {ربي اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا } إن نوح عليه السلام داعية ورجل صالح ومع ذالك كان من أدعيته ( الدعاء للوالدين ).
إذاً الأنبياء أيضاً جاءوا ببر الوالدين وهذا من أعظم ما جاءوا به عليهم الصلاة والسلام . ..........
إبراهيم عليه السلام ...والده مشرك ... فماذا كان يستخدم إبراهيم عليه السلام ؟ ما هي الألفاظ التي كان يستخدمها مع والده وهو مشرك ؟ تأمل في سورة مريم ..تأمل يا أخي يا من يعاني من والديه من بعض المشاكل أو بعض الخلافات بينه وبين والده . وأصبح هذا الشاب يريد أن يخرج من البيت وقد يكون بدأ يتكلم على والديه....... واسمع ما يقوله إبراهيم عليه السلام . {يا أبت لا تعبد الشيطان} ..
يا أبت !!هل هناك نداء ألطف من هذا النداء ومن هذه العبارة ؟ {يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن } والده مشرك !! مشرك ويعبد الأصنام ومع ذالك يقول له إبراهيم يا أبت .
قال البخاري رحمه الله في كتابه الأدب باب من بر والديه أجاب الله دعاءه ,وذكر البخاري رحمه الله وروى حديث الثلاثة أصحاب الغار الذين دخلوا في الغار من بني إسرائيل فانطبقت عليهم الصخرة فكل واحد منهم دعا الله بعمل فواحد منهم قال اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران .
كان هذا الرجل له والدين كبيرين وكان يذهب يأتي بلبن لهم فيوم من الأيام , جاء بلبن وقد نام والداه فلما وصل إليهما فإذا بهم نائمين انتظر قائماً حتى استيقظا وشربا من اللبن وكره أن يشرب أبناءه من اللبن قبل والديه .
فدعا الله وقال : اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذالك يعني هذا العمل هذا البر بوالدتي ووالدي ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة وخرجوا يمشون .
هذا والله أعلم وأجل وأكرم وصلى الله وبارك على رسول الله نعتذر للإطالة ولكن لأن الموضوع مهم للغاية .