موضوع: بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان(1) الأربعاء يونيو 23, 2010 8:41 pm
بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان(1)
يقول الله تعالى في محكم تنـزيله (000 بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ) الآية (17) من سورة الحجرات 0 إن من مراتب الهدي : هدي التوفيق : وهو أنه سبحانه وفق المؤمن للإيمان بربه ؛ بعد أن بيَّن له وأرشده إلى ما فيه صلاحه في الدنيا وسعادته في الآخرة0 وقوله تعالى : هداكم للإيمان أي : وفقكم الله تعالى للإيمان فآمنتم إيماناً صادقاً من قلوبكم ؛ وهذا خلاف الذين آمنوا بالظاهر وأبطنوا الكفر؛وهم المنافقون0 والمنافقون : قوم أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر فهم في الدرك الأسفل من النار كما أخبر الله تعالى عنهم ؛فقال جَلَّ شأنه : (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً) (النساء:145) في الدرك الأسفل : أي : في الطبقة التي في قعر جهـ، وهي سبع طبقات 0 قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما :أي : في أسفل النار لأنهم جمعوا مع الكفر في الباطن الاستهزاء بالإسلام وأهله0 والنار دركات ؛ كما إن الجنة درجات ، والدركة هي الدرجة ولكن إلى الأسفل 0 وهم موجودون في كل زمان ومكان يقولون شيئاً ويبطنون شيئاً آخر وهم الطابور الخامس الذين تكون طعنتهم من الخلف حيث أمنت جانبهم ؛ أما الكافرون فتعلم عداءهم لك فتواجههم ؛ بينما المنافقون ظاهرهم الإيمان ؛ ولا تعرف شيئاً عن باطنهم 0 والطابور الخامس: هو تعبير نشأ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية (1936ـ1939) و أول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال كويبو كيللانو أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد ، وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار و قال: إن هناك طابورًا خامسًاً يعمل مع الوطنيين لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية يسارية من داخل مدريد و يقصد به مؤيدي فرانكو من الشعب0 وهذا أسامة بن زيد وكان معه رجل من الأنصار في إحدى السرايا يلحقون برجل المشركين يريدون قتله ولما أدركوه قال: لا إله إلا الله عند ذلك كف عنه الأنصاري لكن أسامة رضي الله عنه ظن أنه ما قالها إلا ليتقي بها القتل فقتله ؛ فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له رسول الله : (أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ ماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ قال أسامة رضي الله عنه: إنما قالها ليعوذ بها من السيف، قال: هلا شققت عن قلبه 0 وحدث مثل هذا الموقف مع سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعلته 0 ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال : لا إله إلا الله فقد عصم دمه وماله وعرضه 0 وعندما طلب عمر رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل المنافقين قال له رسول الله لا يا عمر أخشى أن يقول الناس إن محمداً يقتل أصحابه ؛ وقد أطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتم أسراره حذيفة بن اليمان رضي الله عنه على المنافقين جميعاً ؛ فكان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يقول لخادمه إذا مات أحد في المدينة: إذهب فانظر هل خرج حذيفة للصلاة عليه أم لا ؟ وإذا تساءل أحد عن الحكمة من ذلك ؟ نقول له : لقد نهى الله تعالى المؤمنين من الصلاة على المنافقين فقال جلَّ شأنه : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ) (التوبة:84) وإذا قلت : إني على هدى ؛ وأنا مؤمن فما معنى : (اهدنا) نقول لك : إن الله تعالى لما هداك للإيمان ووفقك له وصرت مؤمناً ؛ لايعني هذا أنك استغنيت عن ربك سبحانه ؛ ولا يعني أنك ملكت الهداية والإيمان على نفسك ؛ ولا يعني أنك صرت في أمان من الزيغ والضلال ؛ بل أنت محتاج في كل لحظة أن يهديك الله للإيمان ؛ وأن يثبتك الله عليه ويثبته عليك0 واعلم أن الهدى على مراتب ودرجات يقول سبحانه : (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً 000) (مريم:76