موضوع: التفسير والتأويل في القران الأربعاء يوليو 28, 2010 1:35 pm
بسم الله الرحمن الرحيم في علوم القران – التفسير والتأويل التفسير : - تلتقي مادة فسر وسفر في الكشف المادي ، وقال صاحب اللسان في سفر وأصله الكشف ، وقد سفره أي كشطه ، وقوله سفرت الريح الغيم عن وجه السماء سفرا فانسفر ،أما فسر فيقول أيضا والفسر كشف المغطي ، وفسر الشيء يفسره ، وفسره إبانه . وقد وردت كلمة تفسير في القران الكريم مرة واحدة وذلك في قوله تعالي ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) والمراد هنا البيان . وفرق المعنيون بدراسة التفسير في هذا الصدد بين كلمتي التفسير والتأويل فأصله في الحس اللغوي الأول الرجوع إلي الشيء ، ثم تدرجت هذه الكلمة في الاستعمال حتى كانت بمعني تفسير ما يؤول إليه الشيء ، وقد وردت هذه الكلمة في القران الكريم في مواطن كثيرة ولم يستعمل منها الا المصدر أيضا مضافا أو مفردا . وقد أدار القران الكريم استعمالها علي أسس مختلفة فتارة يستعملها في تأويل الكلام أي المعاني كما في قوله تعالي ( هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب وأخر متشابهات ) إلي قوله تعالي وما يعلم تأويله إلا الله *والراسخون في العلم ... الآية ) . ويستعملها في تأويل الرؤى والأحلام في سورة يوسف عليه السلام .كما استعملها في تأويل الإعمال كما في قصة موسي وفتاه . والقران في استعماله لها كما رأينا يتحري المواطن الدقيقة التي لا يظهر فيها المعني إلا بإعمال والفكر وإجالة النظر .وعليه فان التفسير : بيان معاني الألفاظ وما تدل عليه التراكيب جملة هذا ما حدده كثير من العلماء لمعني التفسير والذي هو أول مراحل التفسير ألقراني ، غير ان تحديد دلالة اللفظ ألقراني يرجع فيها إلي أمور ثلاث وهو ما ذكره ابن القيم في كتابه ( أعلام الموقعين ) : 1 – القران نفسه : فإذا حدد القران معني للفظ في مكان آخر وجب الوقوف عند تحديد القران لمعني ذلك اللفظ . ففي قوله تعالي عما حرم ( ....والميتة والدم ولحم الخنزير ......الآية ) فكانت كلمة ميتة هنا مجملة فسرها القران الكريم في موضع آخر في قوله تعالي (والمخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع ...... الآية ) المائدة 2 – السنة النبوية الشريفة : - إذ أن بيانها هو بيان لهذه الدلالة و لا يكاد يخلو دين من الأديان من السنة سواء منها السماوية ام غير السماوية ، وذلك أن يكون بجانب النص الديني تفسير ممن نزل عليه هذا النص أو بيان له . ما ورد من الشعر العربي عصر نزول القران : - وهذا الذي اعتمد عليه الصحابة في تفسير بعض النصوص ، وترتيب علي ذلك اختلاف في التفسير والأحكام . وهناك تتمة لهذا ( تحديد دلالة اللفظ ) وهو العرف : وهو ما تواضع عليه الناس فيما يتصل بالحكم نفسه وتصريفه ، ومن ذلك ان الفقهاء قرروا أن الأيمان كلها علي العرف ،فمثلا من حلف ألا يأكل الخبز ثم أكل القطايف فلا يحنث ،ومن حلف ألا يأكل الشواء ثم أكل البطاطس المشوية فلا يحنث . التأويل : - هو حمل اللفظ علي معني مرجوح لدليل يعضده سواء كان الدليل عقلي أو نقلي ، أو هو صرف اللفظ إلي معني آخر بدليل . واستعمل القران الكريم هاتين الكلمتين - تفسير وتأويل – غير أن استعماله لكلمة تأويل كان أكثر وأشيع ، واستخدمت كلمة تأويل في القران الكريم في : 1 – الحديث المتشابهة 2 – في الرؤيا والأحلام علي ان كلمة تأويل كانت لا تذكر في القران ألا حين يدق المعني ويحبل فلا تصل إليه إلا الإفهام والعقول الراجحة . وقد ذكر الآمدي في كتابه ( الإحكام ) أن التأويل كان معمولا به في عصر الصحابة وظل العمل به حتى انقسم المسلمون . إلا إن الظاهرية ممن ينفون التأويل وكذلك كثير من الحنابلة ومنهم ابن تيمية ، وعليه فقد أوّل ابن تيمية التأويل بمعنيين: إما يراد به التفسير أو نفس المعني المدلول عليه بالنص وهو في هذا يعتمد علي ما ذكره الطبري اذ يقول القول في تأويل الآية ويستظهر من ذلك أن التأويل والتفسير لفظان مترادفان لمعني واحد . ولان التأويل يعتمد علي التجوز والنقل ، والنقل في اللغة نوعان : 1 – نقل بطريق التشبيه وهو الاستعارة . 2 – نقل بطريقة التجوز . وهو خاص بالمجاز في اللفظة المفردة ، علي أن (المجاز المرسل )ليس لأحد الحق في التصرف فيه إلا أصحاب اللغة الأولين . ولذلك هناك من ينكر المجاز المرسل أمثال ابن تيمية والظاهرية كما أن ابن القيم يسميه بالطاغوت الثالث . وابن تيمية يمنع المجاز في تأويل النص فقط وليس في اللغة وقد فسر ابن تيمية ذلك في كتابه ( الإكليل في المتشابه والتأويل ) . والمجاز المرسل : وهو اللفظ المستخدم في غير ما وُضع له لعلاقة غير المشابهة.ويجب أن تكون هناك قرينة تمنع المعنى الأصلي للفظ . أو هو كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة،وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة . مثال لذلك : " قبضنا على عين من عيون الأعداء" فلفظ "عين " هنا ليس المقصود منها العين الحقيقية وإنما المقصود منها الجاسوس، و القرينة التي تمنع المعنى الأصلي للفظ هنا أنهلا يمكن القبض على العين فقط دون بقية جسد الجاسوس ! وللمجاز المرسل علاقات متعددة أهمها : -1 علاقة كلية: " يجعلون أصابعهم في آذانهم "حيث أطلق الكل وأراد الجزء. ومثل: شربت ماء النيل. - 2 علاقة جزئية: " فتحرير رقبة ". حيث أطلق الجزء وأراد الكل. ومثل: قال كلمة أغضبتني . 3 – علاقة محلية: " واسأل القرية ". أي اسأل أهل القرية. ومثل: سلمتُ على بلدتي وأنا عائدٌ مِنَ السفر. - 4اعتبار ما كان: " وآتوا اليتامى أموالهم ". باعتبار أنهم كانوا أيتاماً. ومثل: " إنه مَنْ يأتِ ربه مجرماً". 5 - اعتبار ما سيكون: كأن يقولون لك في البيت: أهلاً يا دكتور. أي باعتبار ما سيكون. ومثل: زرعت اليوم شجرةً. ولان التأويل ينبغي أن يلجأ إليه لتوسيع إقامة النص ولتمكينه من الاحتكام فيما يجد من حياة وإحداث ، كان قول الراغب الأصفهاني إن الكتب الدينية أمس الحاجة إلي التأويل ، ومن هنا عني الفلاسفة المسلمين وعلي رأسهم ابن رشد بهذا الأمر فكتب كتابه ( فصل المقال ). كما مقدمة ابن خلدون فيها مقالة عن التفسير وهي مقدمة يعتمد عليها . مما سبق نستخلص أن القران الكريم خالف النحو والعربية في القواعد مثل الجزم والحذف والإثبات من غير أدوات جازمة أو أدوات نصب ومن أمثلة ذلك قوله تعالي ( مما تدعونا إليه مريب ) وكان القول (تدعوننا ) فحذفت النون بدون أداة ومثل قوله تعالي ( يغفر لكم ذنوبكم ) وقوله تعالي ( وان منكم لمن ليبطئن ) وكان القول لمن يبطئن ، وهناك مشكلات لغوية حار فيها علماء اللغة ووضعوا لها تفسيرات مختلفة مثل قوله تعالي ( إن هذان لسحران ) وقوله تعالي (والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ) والأمثلة في القران الكريم علي ذلك كثيرة ، ولهذا كان القران الكريم تطويرا للغة العربية وإثراء لها . ورغم مخالفة القران الكريم لقواعد اللغة في بعض آياته إلا أن العرب في ذلك الوقت لم يقولوا بخطأ فيه أو تناقض ولم ينكر العرب أسلوبه ولم يطعنوا فيه بل فتنوا فيه وباسلوبه وكلامه و بهرهم ، وكان نصه معجزا لهم ،بل وتحداهم أن يأتوا بمثله لقوله تعالي في سورة البقرة ( وان كنتم في ريب مما نزلنا علي عبدنا * فأتوا بسورة من مثله ) وكان التحدي مقرونا بأنهم لن يستطيعوا لو حاولوا ذلك لقوله تعالي ( فان لم تفعلوا ولن تفعلوا * فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة .... الآية ) وهذا التحدي لايزال قائما وحتى تقوم الساعة ، كما كان التحدي للإنس والجن معا لقوله تعالي ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن علي أن يأتوا بمثل هذا القران * لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) الإسراء 88. فلقد كان في القران الكريم إعجاز وإيجاز ، وهو ذلك الإيجاز في لغة الأعراب في البادية . كما نقلهم القران الكريم إلي القرون السابقة وذكرهم بها ، وما كان بها من عبر وسير وإخبار وهو ما كان ليس عندهم بالأساطير ، فلقد وجدوا الاختلاف بينه وبين الأساطير السابقة التي يرونها . والقران كتاب يختلف عن الكتب الاخري من حيث الإعداد ، فهو قران وهذا هو رأي أبو الاعلي المودودي ، والقران يجمع خصائص يختلف بها عن غيره لذلك قسم ابن خلدون الكلام إلي ثلاثة أقسام هي : شعر ونثر وقران . كما أن الخيال في القران غير موجود ،مخالفا بذلك كل الكتب ، ولهذا قال المسلمون أن ترتيب القران توقيفي لا دخل للبشر فيه . ولهذا فسر القران الكريم بترتيبه الموجود من أول سورة إلي آخر سورة ولكن البعض قال أن تفسير القران يجب أن يكون علي صورة أبواب ، فظهر من ذلك كتب أحكام القران وقصص القران وما إلي ذلك . كما فرقوا بين القراءة والقران وبناءا علي ذلك رويت القراءات الشاذة ، علما بأن القراءة التي تتفق مع خط المصحف منكرها كافر . وهذا القران الكريم فيه الهدي وفيه حكم الله كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يقول عبد القاهر الجرجاني مبينا في القران ناحية الإعجاز ( أعجزتهم مزايا ظهرت في نظمه وخصائص صادفوها في سياق لفظه وبدائع راعتهم من مبادئ آيه ومقاطعها ومجاري ألفاظه ومواقعها وفي مضرب كل مثل ، ومساق كل خبر ، وصورة كل عظة ، وتنبيه وإعلام وترغيب وترهيب مع كل حجة ، وبرهان وصفة وبيان ) . والقران الكريم حفظ اللغة العربية من الاندثار والتغير ويقول علماء اللغة ان القران الكريم استخدم ثلاثة رباع مفردات اللغة وهو ما لا يوجد في كتاب آخر . كما حفظ القران الكريم بعض الكلمات من الاندثار علي سبيل المثال ما أتي في الآية الكريمة (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ) المائدة 103 . هذا كتاب الله حبل الله المتين فلنتمسك به
*جوهرة الكمال* عضو متيز
الجنس :
عدد المساهمات : 767
وطني :
موضوع: رد: التفسير والتأويل في القران الأربعاء يوليو 28, 2010 8:10 pm