( كم وزنكَِ؟ )

موضوع: ( كم وزنكَِ؟ ) الخميس أغسطس 12, 2010 3:45 am

( كم وزنكَِ؟ )

الرجل قد لا يعنيه كثيراً وزنه، وما يحمله من اللحم والشحم ...
وكثيرٌ من النساء غالب اهتمامها تصرفه نحو أناقتها ورشاقتها ( ووزنها )....
قال تعالى: ( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ) الزخرف (18)
ومع ذلك قد يشترك الجميع في الاهتمام بالزيادة والنقصان في الميزان، لا سيما
عند المرض والكِبر.. فيحاسب الإنسان نفسه على الصغيرة والكبيرة، ويحرمها من
شهواتها في هذا السبيل حتى أن البعض يصل إلى حد الوسوسة !!
هذا في الموازين الحسية، وهو لا يعنينا هنا، لكن الشأن في الموازين المعنوية !!
الناس يتفاوت في ميزانهم، ووزنهم لمن حولهم ....
فمن الناس من يعتبر الوزن بالجمال، والأناقة، وخفة الدم، والرشاقة، وحسن الطلعة، والإثارة ...
ومنهم من يعتبر حسن المنطق، والفصاحة، والبلاغة، والقدرة على التعبير، هي ما يوزن به المرء..
وآخرون يعتبرون وزنك بحسب ما تملك من مالٍ أو جاهٍ أو منصب.. وآخرون.......وآخرون
وكما قيل : (كل إناء بما فيه ينضح) ...

وفي المثل العامي ( كلٌ ينظر الناس بعين طبعه )...... ( والطيور على أشباهها تقع ) ......
فالديانة، والثقافة، والفكر، والاهتمامات، والعمر، والجنس، والبيئة، أساسية في مقياسِ الوازن لغيره، وإخراجِ النتيجة المناسبة .....
فهل
استطعنا أن نقيس الناس من حولنا بمقياسٍ صحيح...... هي ليست دعوةً للتصنيف
ومن ثم الإقصاء أو الإدناء ..ولكنها دعوةٌ لتصحيح الاعتبار المناسب
للميزان...
فبالميزان الصحيح تستطيع تمييز من حولك من صالح وطالح ،، وصديق وعدو... وصادق وكاذب..ومن يستحق المجالسة ومن ليس كذلك..
فكيف نزن من حولنا؟ وما المعيار في هذا؟
الفيل والحوت الأزرق يتفوقان على الإنسان في الوزن.....فلا عبرة بالثقل والضخامة في هذا الصدد...
والبلبل ينافسه في الصوت الجميل...فلا عبرة بذلك...... والجبال في الكنوز.....
والأسد والسبع في القوة..... والغزال والطاووس في الرشاقة والجمال.......بل والعصفور في الباءة .........إلخ
وقد يكون الكافر أو المشرك أو المنافق فصيحاً بليغاً... وقد يكون ذكياً عبقرياً !! فليس هذا الميزان !!
فالميزان الصحيح للإنسان: ديانته، وتقواه...
وما
عداه تبعٌ له، فالعقل بلا دين لا ينفع صاحبه في الآخرة ( ... قومٌ لا
يعقلون)، واللسان له اعتبار، كما قال زهير: لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده
... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
و قيل : اللسان وزن الإنسان.
لكن لا ينفع اللسان اللبق الفصيح الطاهر بلا لإيمان،،
وما يحسنه الإنسان من الصنعة يقيس وزنه، كما قال علي – رضي الله عنه-: الناس أبناء ما يحسنون، وبقوله : قيمة كل امرئٍ ما يحسنه.اهـ
ومع
هذا كله فميزان الناس - مع ما قد يدل عليه على وزن المرء -، كما قال – صلى
الله عليه وسلم- : ( .... أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ ) رواه
البخاري ومسلم
إلا أنها إشارات ودلالات، والعبرة بالميزان الأخروي عند رب العالمين ..
فالميزان عند الله تعالى إنما هو بالتقوى والإيمان والعمل الصالح، فكلما زادت زاد وزنك، وكلما نقصت نقص وزنك....
وفي الحديث: « إنّهُ ليأتِي العَظِيمُ السَّمِينُ يَومَ القِيَامَة لا يَزنُ عندَ اللهِ تَعالى جَنَاحَ بَعُوضَةٍ »
ولما
عجب الصحابة –رضي الله عنهم- من دِقة ساقي ابن مسعود –رضي الله عنه- قال
النبي – صلى الله عليه وسلم- : ( أتعجبون من دقة ساقيه، والذي نفسي بيده،
لهما في الميزان أثقل من أحد »( حسن ) رواه أحمد ( 1 / 420 ، 421 ) ، وقال الشيخ أحمد شاكر : إسناده صحيح.
وفي الحديث الآخر: ( ... وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأ الْمِيزَانَ ) رواه مسلم
وفي الحديث الآخر عن الكلمتين : قال ( .... ثقيلتان في الميزان ) رواه البخاري
فهل حرصنا على أن نُثقِّل موازيننا عند ربنا، كحرصنا على تثقيلها عند الناس!!
قال
تعالى: ( َفإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ
يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (101) فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ
فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
(103) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104) )
المؤمنون

رمضان
فرصةٌ لنا لتثقيل موازيننا عند الله تعالى، بالتوبة، والإقبال عليه،
والعمل الصالح، وترك الذنوب والمعاصي...... فلنحرص جميعاً على ذلك

أسأل الله تعالى أن يُثقِّل موازيننا عنده ... آمين

توقيع العضو شوقي