مواعظ زلزلت قلوب الـمـتـقـيـن وأدمعت عيون الـخـاشعين

مواعظ زلزلت قلوب الـمـتـقـيـن وأدمعت عيون الـخـاشعين

قال الله تعالى :

{ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ * }

قال المفسّرون رحمهم الله :

{ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا }

أي : إذا تحركت حركة شديدة عند قيام الساعة ، فـتـضطـرب اضطرابا شديدا مناسبا لحجمها حتى يتكسّر كل شئ عليها ، فـتهتـز اهتـزازا يُقطـّع القلوب

ويُفزع الألباب وتتحرك تحركا متـتابعا بمن عليها ولا تسكن حتى تـلقي ما على ظهرها من جبل وشجر وبناء وقلاع

وأضاف كلمة زلزالها لبيان هـولها وفـظـاعتها

قال مجاهد : هي عند النفخة الأولى

{ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا }

أي : جميع ما في جوفها ولا يعلم ما في جوف الأرض من أثقال إلا الله سبحانه ، وقيل أثقالها الأموات والدفائن من كنوز وغيره

{ وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا }

يقول كل إنسان ما للأرض تزلزلت هذه الزلزلة العظيمة وأخرجت ما في بطنها ، من دهشته وتعجبه من هذه الحالة الفظيعة

{ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا }

أي : يوم إذا زلزلت وأخرجت ما في جوفها تـُخبر بأخبارها ، وتحدثهم بما عُمِل عليها من خير وشر

وذلك إما بلسان الحال حيث يدل على ذلك دلالة ظاهرة أو بلسان المقال ، بأن يُـنطقها الله سبحانه وتعالى

وقيل : تُحـدّث بقيام الساعة ، وأنها قد أتت ، وأن الدنيا قد انقضت

وقال ابن جرير : تبيّن أخبارها بالرجفة والزلزلة ، وإخراج الموتى

{ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا }

قال الفراء : تـُحدّث أخبارها بوحي الله وإذنه لها أن تـنطق بكل ما حدث وجرى عليها

فهي تشكو العاصي وتشهد عليه ، وتشكر المطيع وتـثـني عليه . والله على كل شئ قدير

{ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا }

أي : يوم إذ يقع ما ذكر يصدر الناس من قبورهم إلى موقف الحساب متـفـرقـيـن فِـرَقا فِـرَقا

وقيل : يصدرون من موضع الحساب إلى الجنة أو النار

وقيل : بعضهم آمن وبعضهم خائف ، وبعضهم بلون أهل الجنة ، وهو البـياض ، وبعضهم بلون أهل النار وهو السّواد

وبعضهم ينصرف إلى جهة اليمين ، وبعضهم إلى جهة الشمال ، مع تفرقهم في الأديان واختلافهم في الأعمال

يصدر = يرجع . والصدر ضد الورود

أشتاتا = متفرقين

{ لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ }

أي : ليريهم الله أعمالهم من خير أو شر فيجازيهم بها

{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ }

أي : فمن يفعل من الخير زنة ذرة من تراب يجده في صحيفته يوم القيامة ويلقى جزاءه عليه

{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }

أي : من يعمل من الشر زنة ذرة من التراب يجده في صحيفته ويلقى جزاءه عليه

قال القرطبي :هذا مثل ضربه الله تعالى في أنه لا يُغـفِـل من عمل ابن آدم صغيرة ولا كبيرة

وهو مثل قوله تعالى { إن الله لا يظلم مثقال ذرة }

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(( تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة ، فيجيء القاتل فيقول : في هذا قتلت ، ويجيء القاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي

ويجيء السارق فيقول : في هذا قطعت يدي ، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيء ))

أخـرجـه مـسـلـم فـي صـحـيـحـه

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :

{ يومئذ تحدّث أخبارها } قال : (( أتدرون ما أخبارها )) قالوا : الله ورسوله أعلم

قال : (( فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها ، تقول عمل كذا وكذا ، فهذا أخبارها ))
رواه الـتـرمـذي
اعجبني فنقلته لكم
اختكم