موضوع: منارات لتطوير الذات الأحد سبتمبر 05, 2010 3:34 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ذي الفضل والإنعام , والجود والإحسان , والصلاة والسلام على خير الأنام , محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم .. أما بعد ..
فحديثنا اليوم موجهه إلى أصحاب الهمم , وصناع الحياة , وبناة الأمـة , إلى الذين يشمخون إلى القمم , ويطمحون إلى العلا , وينافسون في ميادين الكرامة والمجد , فهم يبذلون من أجل ذلك الغالي والرخيص , والنفس والنفيس , فبهم يعود المجد , ويسود الرخاء وترفرف راية لا إله إلا الله في أرجاء هذا الكون .
فمن هم يا ترى هؤلاء ؟ وماهي أوصافهم ؟ وماهو حالهم ؟ وكيف نكون منهم ؟
فهذا هو موضوعنا وهو الرسالة ذات العشر منارات
نبدأها بقول سيد الوعاظ يحي بن معاذ : " طوبى لعبد أصبحت العبادة حرفته , والفقر منيته , والعزلة شهوته, والآخرة همته , وطلب العيش بلغته , والموت فكرته , والزهد نيته , ورضا الرحمن حاجته , يذكر في الخلوات خطيئته , طوبى لمن كانت تلك صفته , وعلى الذنوب ندامته , جنار بالليل والنهار , وبكاء لله في الأسحار , يناجي الرحمن , ويطلب الجنان , ويخاف من النيران ذاك من عباد الرحمن , الذين علقوا على صدورهم أشرف وسام "
إن لله عباد فطنـاً ************* طلقوا الدنيا وخافوا الفتنـا
نظروا فيها فلما علموا ********* أنها ليست لحي سكنا
جعلوها لجة واتخذوا *********** صالح الأعمال فيها سفنا
أعظم إنجــاز
لا بد أن نعلم أن أعظم مشروع في حياتنا هو أن ندخل الجنة يوم القيامة , ونفوز برضى الرحمن , فإذا ما حققنا ذلك الأمل , كان لحياتنا معنى , ولوجودنا فائدة .
الجنة غالية وليست رخيصة , إنها سلعة الرحمن وسلعة الرحمن لا تنال إلا بأغلى الأثمان
ياسلعة الرحمن لست رخيصة *********** بل أنت غالية على الكسلان
ياسلعة الرحمن ليس ينالها ********** في الألف إلا واحد واثنان
فيا أصحاب الهمم هذه الجنة قد فتحت أبوابها , وتهيأت لأحبابها فياليت شعري أين المشتاقون الذين اشتاقت منهم الأرواح إلى جنة الأفراح
المنـارة الأولــى
( بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان )
فما أشقى الإنسان بلا إيمان !!
الإيمان هو جنة الدنيا ومن لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة
ومن تأمل سيرة الصالحين وخاصة الصحابة رضي الله عنهم علم قدر ما لاقوا في سبيل إيمانهم وأروع مافي الإيمان أن الدنيا بكل بهارجها ولذاتها ومفاتنها ليس فيها ألذ من معرفة الله ومحبته والإيمان به , فمحبة الله والإيمان به ومعرفته وطاعته وعبادته وهي قرة العيون ولذة الأرواح وبهجة القلوب ونعيم الدنيا وسرورها وحبور الآخرة ونورها والجنة على قدر مافيها من النعم ليس فيها ألذ من رؤية الله ومشاهدته
والله ما طابت الدنيا إلا بذكره , ولا طابت الآخرة إلا بعفوه , ولا طابت الجنة إلا برؤيته فمن وجد الله فماذا فقد ؟! ومن فقد الله فماذا وجد ..؟!
كيف يكون الإيمان ؟؟
الإيمان أن تؤمن بالله عز وجل وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره إيماناً يسير في خلاياك ويستقر في سويداء قلبك ومن خلاله ترى الدنيا من حولك , وذاك الإيمان هو الذي جعل الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه يقف في مفترق الطرق أمه وما عندها من الأموال وحياة البذخ والترف والإيمان فلا يقدم على الإيمان أحداً ويركل كل الدنيا بقدمه ويشمخ عنها فيموت يوم يموت وليس له كفن يوارى به إلا شمله إذا غطوا رأسه بدت رجلاه وإذا غطوا رجليه بدا رأسه , فيالله العجب !!
أهذا هو الشاب الذي كان أعطر شاب في مكة ؟ والذي غذي بالنعيم , حتى كان مثلا يضرب في الترف والدلال والمال نعم إنه الإيمان قد تحول بمصعب إلى شخصية أخرى تؤثر الباقية على الفانية وتؤثر الله على ماسواه ؟! فيالله العجب .
إننا أمام هذا النموذج لانملك إلا أن نقول واحسرتاه على أنفسنا !! واحسرتاه على لحظة قضيناها من دون الله
ومن تكن العليـاء همة نفسه ***** فكل الذي يلقاه فيها محبب
انظري كيف يصنع الإيمان إذا خالط القلوب بأصحابه فلله درهم من اقوام اتخذوا الإيمان صلاحا وحب الله هدفا وغاية فبلغوا بذلك المنازل العظام في الدنيا والآخرة .