موضوع: الموت " حقيقة "... كيف نخبر " الطفل " به..؟؟ الإثنين نوفمبر 08, 2010 2:19 pm
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركآته
لأن الموت هو أحد حقائق الحياة.. لابد من مواجهة الطفل به حين يتعرض لذلك لاسيما إذا شهد هذا الطفل وفاة أحد المقربين له خاصة من أفراد الأسرة.. يعتقد خبراء التربية انه لا يمكن أن تكون هناك طريقة سحرية تضمن لنا عدم إصابة الطفل بالخوف والقلق والشكوك من الموت، ولكن عندما نواجه الطفل بهدوء ونتحدث إليه بإطمئنان فإن الإحساس بالأمان ينتقل من الكبار وبالأخص الوالدين إلى أعماق الطفل..
كيف نفسر الموت للطفل؟
عادة ما يكون مصدر التساؤل هو موت أحد أقارب الطفل أو أحد أصدقاء العائلة، حيث تعتبر مواضيع الموت لدى الصغير مواضيع ساكنة لا تستثار دون مثيرات وعادة ما تكون إجابة الوالدين أو الكبار على أسئلة الطفل حول من غيبه الموت أنه ذهب إلى الجنة أو أن الله كان قد أودع هذا الشخص لدينا كهدية ثم استعادها منا.. وغيرها من الإجابات التي توصل الطفل بالله عز وجل
طفل ما قبل المدرسة
يعتقد علماء النفس أن مثل هذه الإجابات قد تقنع طفلاً يذهب إلى المدرسة ويكون قد سمع الكثيرعن الله وعن الجنة والنار ويوم القيامة، ولكن ما الذي يمكن أن يقنع طفلا ً لم يصل سن المدرسة.
طفولة سن المدرسة
يقول الدكتور سبوك " في أي مرحلة عمرية للشخص عندما يكون الخطر أعظم من قدرتنا على مواجهته فإن العقل يحاول أن ينساه لوقت ما، ولكنه يعود إليه عندما يذكره أي شيء به ويناضل بالتغلب عليه وربما هجره في العقل الباطن والتوهم بنسيانه، ولكن الأمر لدى الطفل يُحدث زلزلة حادة عندما يعرف الموت لأول مرة والذي لا يستطيع أن يخرجه من ذاكرته هو الاستثناء وليس القاعدة ... وملخص ما ذكر أن الطريقة المحددة التي يفسر بها الموت للطفل هي عادة أقل أهمية من درجة القلق الذي يكون مستحوذا ًعلى الطفل قبل أن يسمع بمشكلة الموت والعامل الأكثر أهمية في الموضوع هو موقف الأبوين الأساسي من الموت فالأب الذي يخاف هو نفسه من الموت إلى حد الرعب سواء كان ذلك جهراً أو سراً سوف يجد صعوبة ومشقة في تفسير ظاهرة الموت فلسفياً لطفله وبالتالي ينتقل الخوف أو الطمأنينة من الأبوين إلى الأبناء لاسيما الصغار سواء استطاع الطفل أن يفهم معنى كلامهم أم لا " .
حين يكون الفقيد أحد الوالدين..
هذا إذا كان المفقود صديقا حميما ً أو أحد أفراد الأسرة فالحل هنا بإعطاء الطفل المزيد من الأمان، ولكن ما الحل إذا كان المفقود هو أحد الوالدين؟!
يعتقد الإختصاصيون انه عندما يفقد الطفل إحد أبويه فإن حزن الطفل يكون غاية في العنف لأن الطفل يعلن كل يوم حاجته لرؤية من مات وأن صورة الأم والأب تزور خيال الطفل أكثر من مرة في اليوم الواحد وإن الحزن في هذه الحالة يرفرف عليه بصورة حادة ومرعبة ويؤكدون على إمكانية استمرار ذلك الوضع لشهور طويلة إلى أن تمتلئ حياة الطفل بعلاقات جديدة تشغل هذا الفراغ العاطفي الذي عانى منه بعد فقد احد والديه.
كما يرون أن ردود أفعال الأطفال تختلف حسب بيئتهم؛ ففي أمريكا مثلاً يعتاد الفرد منذ صغره على إبداء مشاعره بمطلق الحرية ومعظم الأشخاص الذين عاشوا حياة هادئة سعيدة يتركون الفرصة للدموع لتعبر عن الحزن أو خيبة الأمل والشيء الوحيد المشترك في جميع أفراد شعوب العالم وفي مختلف الأعمار خاصة في الطفولة هو الإحساس بالذنب تجاه الشخص المتوفى وقد يبقى هذا الإحساس لمدة طويلة و يختلف باتجاهاته، ولكنه يبقى نفس حجم المرارة والألم كأن يقول الشخص لنفسه لو أنني قمت بعلاجه في وقت مبكر..؟ لو أنني لم أعطه ذاك الدواء؟.. لو أنني لم أغضبه.. لو أنه حظي باهتمام أسري أكبر..؟؟ والكثير من الاتهامات الذاتية التي لا أساس لها من الواقع هي مجرد مشاعر مؤذية للنفس وقد أكتشف المحللون النفسيون أثناء علاجهم للأطفال التعساء جراء فقدهم لذويهم أن المشكلة العظيمة تكمن بشعور هؤلاء الأطفال بعنف الإحساس بالذنب ليس فقط بسبب ما اقترفوه من أعمال عدائية أغضبت والديهم ولكن بسبب أيضاً نواياهم العدائية التي أضمروها حتى وإن لم يترجموها إلى أعمال فالأطفال يتعرضون لمناسبات كثيرة يشعرون فيها بالغضب والسخط كل يوم ويتعرضون أيضاً لألوان من الأذى والعدوان من الأطفال الآخرين فإذا أضيف إلى ذلك ما يلقونه مرارا وتكرار من تأديب الآباء وعقابهم وغضبهم وثورتهم عليهم فإنهم ينتهون بحبس أنفسهم في دائرة الذنب تجاه ذلك الفقيد.. الأمر يحتاج إلى وقت.
لذلك فإن الجزء الفطري من ضمير الطفل والذي كان يتكون ويتشكل في سن من سنتان إلى أربع سنوات يملي عليه أن نواياه الخبيثة التي أخفاها في أعماقه هي التي سببت الموت على أن مقدار الإحساس بالذنب يتفاوت من طفل إلى آخر؛ فالطفل الذي سادت علاقة المحبة والحنان بينه وبين القريب الذي مات يقل إحساسه بالإثم إلى حد كبير عن الطفل الذي كان يشعر دائماً نحوه بالعداوة لسبب ما؛ وبالمقابل فإن الطفل الذي ينشأ في ظل أبوين شديدي المراس يكثران من معاقبته يكون ثقل الإحساس بالإثم على ضميره أشق .
يقول الدكتور سبوك " كلما كبر الطفل ازدادت معرفته للأسباب الحقيقة للموت بحيث تزيل ذلك الشعور بالنوايا الخبيثة التي يعتقد أنها السبب في حدوث الموت وفي الختام فإن الطفل الذي تصيبه نوبات الحزن أكثر من الحد الطبيعي ويمتلئ ليله بالكوابيس والخوف والفزع نتيجة الإحساس بالذنب لابد أن نطلب له العلاج النفسي".
إختيار الوقت المناسب
تؤكد الأخصائية النفسية عواطف الدريبي ما ذكره الدكتور سبوك وتضيف قائلة: "خبر الموت من الأخبار التي يصعب إخبارها للطفل فكيف نخبره أن جده الذي يحبه مات؟ أو أن أمه التي اعتاد على رعايتها وسنده الأساسي في الحياة لن يراها أبداً... انه أمر في غاية الصعوبة ويستحق أن نوليه اهتمامنا وثقافتنا من أجل التعامل مع الموقف بالطريقة السليمة وقد قدمت الأخصائية النفسية الفرنسية" بياتريس كوبار "دراستها حول أنجح السبل والأساليب التي يفضل أن يتبعها الوالدين لإخبار أطفالهما بالأحداث الخطيرة سواء التي تقع داخل الأسرة أو التي تمس أحد أفرادها... تقول هذه الأخصائية " اختيار الوقت المناسب لإبلاغ الطفل أمر مهم للغاية والأهم ألا يشعر الطفل بأن له ذنباً فيما حدث فالطفولة مرحلة حساسة ويصعب على الصغير استيعاب فكرة الموت ومن هنا تكمن أهمية الوالدين في نقل خبر الموت للطفل الذي فقد فجأة أحد أفراد الأسرة فترى بياتريس بأن التمهيد للموضوع يكون من خلال الشرح لما يحدث وفي نفس الوقت طمأنته كأن يقول الوالدين للطفل أن الفقيد توقف فجأة عن التنفس وعن الحركة ولم يعد يشعر بالجوع أو الألم ومثل هذه التفاصيل التي تبدو غير مهمة بالنسبة للشخص البالغ تساعد الطفل كثيراً على استيعاب وفهم هذا الحدث الجديد عليه ويجب عدم التردد في الإجابة عن أي أسئلة تفصيلية يطرحها الطفل " وبالمقابل تنصح الدراسة بتفادي محاولة إخفاء حداثة الموت لأن الطفل يدرك مثل هذه الأمور بشكل فطري وبالتالي فإن عدم مصارحته بالحقائق وشرحها بكلمات بسيطة مطمئنة يضاعف من قلقه ومخاوفه ". ****************** منقـــــول من دراسة عن العلاج النفسى عند الأطفال رأيت نقلها وعرضها عليكم لمدى أهميتها القصوى فى حياة الطفل وتنشأته . دمتم بسعادة .