إن ميراث السماوات والأرض ملك لله مالك الملك وراجع إليه ، وما استخلفوا فيه إذن سيؤول إليه في الميراث ! فما لهم لا ينفقون في سبيله حين يدعوهم إلى الإنفاق .. وما الذي يبقى من دواعي الشح وهواتف البخل أمام هذه الحقائق في هذا الخطاب ؟ ولقد بذل الصحابة من المهاجرين والأنصار ، ما وسعها من النفس والمال ، في ساعة العسرة وفترة الشدة – قبل الفتح .. أيام أن كان الإسلام غريبا محاصرا من كل جانب .. قليل الأنصار والأعوان . وكان هذا البذل خالصا لا تشوبه شائبة من طمع في عوض من الأرض ، ولا من رياء أمام كثرة غالبة من أهل الإسلام .. ولكن ما بذلوه - من ناحية الكم - كان قليلا بالقياس إلى ما أصبح الذين جاءوا بعد الفتح يملكون أن يبذلوه . فكان بعض هؤلاء يقف ببذله عند القدر الذي يعرف ويسمع أن بعض السابقين بذلوه ! هنا نزل القرآن ليزن بميزان الحق بذل هؤلاء وبذل أولئك ، وليقرر أن الكم ليس هو الذي يرجح في الميزان ؛ ولكنه الباعث وما يمثله من حقيقة الإيمان : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل . أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ) .. إن الذي ينفق ويقاتل والعقيدة مطاردة ، والأنصار قلة وليس في الأفق ظل منفعة ولا سلطان ولا رخاء . غير الذي ينفق ويقاتل والعقيدة آمنة ، والأنصار كثرة ، والنصر والغلبة والفوز قريبة المنال . ذلك متعلق مباشرة بالله ، متجرد تجردا كاملا لا شبهة فيه .. لا يجد على الخير عونا إلا ما يستمده مباشرة من عقيدته . وهذا له على الخير أنصار حتى حين تصح نيته ويتجرد تجرد الأولين . وبعد أن قرر القيم الحقيقية في ميزان الله لهؤلاء ولهؤلاء عاد فقرر أن للجميع الحسنى : ( وكلا وعد الله الحسنى ) ..فقد أحسنوا جميعا ، على تفاوت ما بينهم في الدرجات . ومرد ذلك التفاوت وهذا الجزاء بالحسنى للجميع ، إلى ما يعلمه الله من تقدير أحوالهم ، وما وراء أعمالهم من عزائمهم ونواياهم . وخبرته تعالى بحقيقة ما يعملون : ( والله بما تعملون خبير ) .
ليس السباق إلى إحراز اللهو واللعب والتفاخر والتكاثر .. إنما السباق إلى ذلك الأفق ، وإلى ذلك الهدف ، وإلى ذلك الملك العريض : ( جنة عرضها كعرض السماء والأرض ) .. نعم إنه سباق؛ بكل ما تحمله الكلمة من تشمير وتحفز وبذل أقصى ما في طاقة الإنسان من تدريب قبل السباق ومن طاقة وجهد أثناء السباق. فالخير قريب جدا من الإنسان، وكذلك الشر قريب منه جدا ، فلهذا حثه اللّه تعالى على المبادرة إلى الخيرات فقال اللّه تعالى: {سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض} ، وقال ههنا: {أعدت للذين آمنوا باللّه ورسله ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}، أي هذا الذي أهلهم اللّه له هو من فضله عليهم، وإحسانه إليهم. فذلك الملك العريض في الجنة يبلغه كل من أراد ، ويسابق إليه كل من يشاء . وعربونه : الإيمان بالله ورسله . ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .. ( والله ذو الفضل العظيم ) .. وفضل الله غير محجوز ولا محجور .. وفي هذا فليتسابق المتسابقون .
oussama23 عضو متيز
الجنس :
عدد المساهمات : 543
العمر : 32
الوظيفة :
وطني :
موضوع: رد: في رحاب آيـة الأحد يونيو 06, 2010 1:20 am
يهيب القرآن بالذين آمنوا ليؤدوا واجبهم في بيوتهم من التربية والتوجيه والتذكير ، فيقوا أنفسهم وأهليهم من النار . ويرسم لهم مشهدا من مشاهدها . وحال الكفار عندها. فتبعة المؤمن في نفسه وفي أهله تبعة ثقيلة رهيبة . فالنار هناك وهو متعرض لها هو وأهله ، وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون هذه النار التي تنتظر هناك . إنها نار . فظيعة مستعرة : ( وقودها الناس والحجارة ) .. الناس فيها كالحجارة سواء .. وما أفظعها نارا هذه التي توقد بالحجارة .. وكل ما بها وما يلابسها فظيع رهيب : ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) . تتناسب طبيعتهم مع طبيعة العذاب الذي هم به موكلون .. ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) .. فمن خصائصهم طاعة الله فيما يأمرهم ، ومن خصائصهم كذلك القدرة على النهوض بما يأمرهم .. وهم بغلظتهم هذه وشدتهم موكلون بهذه النار الشديدة الغليظة .
أبتسآمة الدموع عضو فعال
الجنس :
عدد المساهمات : 204
العمر : 31
وطني :
موضوع: رد: في رحاب آيـة الأحد يونيو 06, 2010 12:39 pm
مشكوور اخي
لك خالص ودي
oussama23 عضو متيز
الجنس :
عدد المساهمات : 543
العمر : 32
الوظيفة :
وطني :
موضوع: رد: في رحاب آيـة الأحد يونيو 06, 2010 1:34 pm
شكرا على مرورك
oussama23 عضو متيز
الجنس :
عدد المساهمات : 543
العمر : 32
الوظيفة :
وطني :
موضوع: رد: في رحاب آيـة الإثنين يونيو 07, 2010 12:49 am
يوجه القرآن النظر إلى خلق الله ، في السماوات بصفة خاصة وفي كل ما خلق بصفة عامة . يوجه النظر إلى خلق الله ، وهو يتحدى بكماله كمالا يرد البصر عاجزا كليلا مبهورا مدهوشا . ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ) .. فليس هناك خلل ولا نفص ولا اضطراب .. ( فارجع البصر ) .. وانظر مرة أخرى للتأكد والتثبت ( هل ترى من فطور ؟ ) .. وهل وقع نظرك على شق أو صدع أو خلل ؟ ( ثم ارجع البصر كرتين ) فربما فاتك شيء في النظرة السابقة لم تتبينه ، فأعد النظر ثم أعده ( ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) . والجمال في تصميم هذا الكون مقصود كالكمال . بل إنهما اعتباران لحقيقة واحدة. فالكمال يبلغ درجة الجمال . ومن ثم يوجه القرآن النظر إلى جمال السماوات بعد أن وجه النظر إلى كمالها : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) .. وما السماء الدنيا ؟ لعلها هي الأقرب إلى الأرض وسكانها المخاطبين بهذا القرآن . ولعل المصابيح المشار إليها هنا هي النجوم والكواكب الظاهرة للعين ، التي نراها حين ننظر إلى السماء .. ومشهد النجوم في السماء جميل . ما في هذا شك . جميل جمالا يأخذ بالقلوب .. والقرآن يوجه النفس إلى جمال السماء ، وإلى جمال الكون كله ، لأن إدراك جمال الوجود هو أقرب وأصدق وسيلة لإدراك جمال خالق الوجود .. ويذكر النص القرآني هنا أن هذه المصابيح التي زين الله السماء الدنيا بها هي كذلك ذات وظيفة أخرى : ( وجعلناها رجوما للشياطين ) .. ونحن نؤمن أن الله جعل من هذه المصابيح التي تزين السماء الدنيا رجوما للشياطين ، في صورة شهب .. فلنعلم هذا وحده ولنؤمن بوقوعه . وهذا هو المقصود . ولو علم الله أن هناك خيرا في الزيادة أو الإيضاح أو التفصيل لفصل سبحانه .. ثم يستطرد فيما أعده الله للشياطين غير الرجوم : ( وأعتدنا لهم عذاب السعير ) .. فالرجوم في الدنيا وعذاب السعير في الآخرة لأولئك الشياطين .
oussama23 عضو متيز
الجنس :
عدد المساهمات : 543
العمر : 32
الوظيفة :
وطني :
موضوع: رد: في رحاب آيـة الثلاثاء يونيو 08, 2010 11:53 pm
الأرجح أن اليوم المشار إليه هنا هو يوم القيامة . . وفي هذا اليوم تصعد الملائكة والروح إلى الله . والروح : الأرجح أنه جبريل عليه السلام .. وإنما أفرد بالذكر بعد الملائكة لما له من شأن خاص . وعروج الملائكة والروح في هذا اليوم يفرد كذلك بالذكر ، إيحاء بأهميته في هذا اليوم وخصوصيته ، وهم يعرجون في شؤون هذا اليوم ومهامه .. وأما ( كان مقداره خمسين ألف سنة ) .. فقد تكون كناية عن طول هذا اليوم كما هو مألوف في التعبير العربي . وقد تعني حقيقة معينة ، ويكون مقدار هذا اليوم خمسين ألف سنة من سني أهل الأرض فعلا وهو يوم واحد .. وإذا كان يوم واحد من أيام الله يساوي خمسين ألف سنة ، فإن عذاب يوم القيامة قد يرونه هم بعيدا ، وهو عند الله قريب . ومن ثم يدعو الله نبيه إلى الصبر الجميل على استعجالهم وتكذيبهم بذلك العذاب القريب . ( فاصبر صبرا جميلا . إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) .. والدعوة إلى الصبر والتوجيه إليه صاحبت كل دعوة ، وتكررت لكل رسول ، ولكل مؤمن يتبع الرسول . وهي ضرورية لثقل العبء ومشقة الطريق.. والصبر الجميل هو الصبر المطمئن ، الذي لا يصاحبه السخط ولا القلق ولا الشك في صدق الوعد . صبر الواثق من العاقبة ، الراضي بقدر الله ، الشاعر بحكمته من رواء الابتلاء ، الموصول بالله المحتسب كل شيء عنده مما يقع به . وهذا اللون من الصبر هو الجدير بصاحب الدعوة . فهي دعوة الله ، وهي دعوة إلى الله . ليس له هو منها شيء . وليس له وراءها من غاية . فكل ما يلقاه فيها فهو في سبيل الله ، وكل ما يقع في شأنها هو من أمر الله . . والخطاب هنا للرسول تثبيتا لقلبه على ما يلقى من عنت المناوأة والتكذيب . وتقريرا للحقيقة الأخرى : وهي أن تقدير الله للأمور غير تقدير البشر ؛ ومقاييسه المطلقة غير مقاييسهم الصغيرة : ( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) ..
rayan مشرفة قسم اللغات الأجنبية
الجنس :
عدد المساهمات : 1582
العمر : 32
الوظيفة :
وطني :
موضوع: رد: في رحاب آيـة الأحد أغسطس 01, 2010 11:24 pm
br@him عضو جديد
الجنس :
عدد المساهمات : 136
الوظيفة :
وطني :
موضوع: رد: في رحاب آيـة الجمعة أغسطس 13, 2010 9:11 pm